كان الحكم فيه أيضا مثل ذلك القرض لأن بيع المسلم فيه قبل قبضه لا يجوز، ومن كان له على غيره طعام فباعه طعاما بخمسة دراهم على أن يقبضه الطعام الذي له عليه أجود منه لم يجز ذلك لأن الجودة بانفرادها لا يجوز أن تكون ثمنا، وإن قضاه أجود منه ليبيعه طعاما بخمسة دراهم لم يجز أيضا، إذا باع طعاما بخمسة دراهم مؤجل وحل الأجل فأخذ بها طعاما مثل ما أعطاه كان جائزا وإن أخذ أكثر من ذلك لم يجز.
باب بيع المصراة وأحكامها:
المصراة هي الناقة أو البقرة أو الشاة يجمع لبنها في ضرعها يوما أو أكثر من ذلك، فإذا عرضت للبيع رآها من يريد ابتياعها كبيرة الضرع يوما فظن أنها تحلب في كل يوم مثل ما هو في ضرعها من اللبن، فإذا حلبت نقص لبنها ورجعت إلى عادتها فقد دلس بجمع اللبن في ضرعها على من يريد ابتياعها وذلك لا يجوز، وإنما سمي بهذا الاسم لجمع اللبن في ضرعها ولا فرق في تناول ذلك بما ذكرناه بين ناقة أو بقرة أو شاة، فأما ما عدا ذلك من الحيوان فمختلف فيه وليس في صحة أجرته عليه دليل فيقال به، ومدة الخيار في بيع ذلك ثلاثة أيام كسائر الحيوان.
فمن ابتاع مصراة وهو عالم بالتصرية لم يكن له خيار في ردها، فإن ابتاعها وهو غير عالم بذلك من حالها فدر لبنها وصار لبن العادة بتغيير المرعى ثم علم بأنها كانت وقت البيع مصراة وأراد ردها لم يكن له ذلك لأن العيب قد زال عنها، فإن حلبها ورضي بها ثم وجد بها عيبا جاز له الرد بالعيب لا بالتصرية، وإذا ابتاعها وأراد ردها وكان قد حلبها ردها مع صاع من تمر أو صاع من بر، فإن كان لبنها باقيا وأراد رده معها لم يجبر البائع لها على أخذه، فإن لم يرض بأخذ اللبن كان له الصاع الذي ذكرناه من التمر أو البر فإن لم يجد ذلك كان عليه القيمة ولو بلغت فيه القيمة قيمة الشاة.
وإذا اشتراها غير مصراة ثم حلبها يوما أو أكثر منه ووجد بها عيبا وأراد ردها وكانت وقت ابتياعها محلوبة ليس في ضرعها لبن كان له ردها وكان ما في ضرعها من اللبن له ولم