أتاك الرجل يحقك من بعد ما حلفته من غير أن تطالبه فإن كنت موسرا أخذته فتصدقت به وإن كنت محتاجا إليه أخذت لنفسك، وإن كان لك على رجل حق فوجدته بمكة أو في الحرم فلا تطالبه به ولا تسلم عليه فتفزعه إلا أن تكون أعطيته حقك في الحرم فلا بأس أن تطالبه في الحرم.
واعلم أن أجرة الزانية وثمن الكلب سحت إلا كلب الصيد، وأما الرشا في الحكم فهو الكفر بالله العظيم، والعلم أن البائعين بالخيار ما لم يفترقا فإذا افترقا فلا خيار لواحد منهما، واعلم أن أجرة المعلم حرام إذا شارط في تعليم القرآن أو معلم لا يعلمه إلا قرآنا فحرام أجرته إن شارط أو لم يشارط، وروي: عن ابن عباس في قوله تعالى: أكالون للسحت قال: أجرة المعلمين الذين يشارطون في تعليم القرآن، وروي: أن عبد الله بن مسعود جاء إلى النبي ص فقال: يا رسول الله أعطاني فلان الأعرابي ناقة بولدها أني كنت علمته أربع سور من كتاب الله، فقال: رد عليه يا بن مسعود فإن الأجرة على القرآن حرام.
فإن خرج في السلعة عيب وعلم المشتري فالخيار إليه إن شاء رد وإن شاء أخذه ورد عليه بالقيمة أرش العيب، وإن كان العيب في بعض ما اشترى وأراد أن يرده على البائع رد تمامه أو رد عليه بالقيمة أرش العيب، والقيمة أن تقوم السلعة صحيحة وتقوم معيبة فيعطى المشتري ما بين القيمتين.
باب الربا والسلم والدين والعينة:
اعلم يرحمك الله أن الربا حرام سحت من الكبائر ومما قد وعد الله عليه النار فنعوذ بالله منها، وهو محرم على لسان كل نبي وفي كل كتاب، وقد أروي عن العالم ع أنه قال: إنما حرم الله تعالى الربا لئلا يتمانع الناس المعروف، وروي: أن أجر القرض ثمانية عشر ضعفا من أجر الصدقة لأن القرض يصل إلى من لا يضع نفسه للصدقة لأخذ الصدقة، وأروي: أنه إذا كان يوم القيامة رفع الله أعمال قوم كأمثال القباطي، فيقول الله: اذهبوا فخذوا أعمالكم فإذا دنوا منها قال الله جل وعز: كن هباء، فصارت هباء وهو قوله: وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا، ثم قال: أما والله لقد كانوا يصلون