وأما خيار البيع فليس يبطل بوطئ المشتري كان ذلك بعلمه أو بغير علمه إلا أن يثبت رضاه به وإذا ثبت ذلك وعلم بطل خياره، وإن وطئ البائع في مدة الخيار كان ذلك فسخا للبيع وقد ذكرنا فيما تقدم أن ما يقع من البائع من التصرف في مدة الخيار يكون فسخا للعقد وما يقع منه من المشتري يلزم العقد به من جهته ويبطل خياره، فإن رضيا على إمضاء شئ من ذلك أو اتفقا عليه في مدة الخيار مثل بيع المشتري ما اشتراه أو عتقه إن كان مما يصح عتقه أو ما جرى مجرى ذلك بطل خيارهما جميعا ومضى البيع والعتق أو ما أشبه ذلك مما يتفقان عليه أو يتراضيان به أو يأذن البيع للمشتري فيه.
في إرث خياري المجلس والشرط:
واعلم: أن خيار المجلس أو الشرط يصح كونهما موروثين فإن مات المتبائعان أو واحد منهما كان يتعلق بهما من ذلك موروثا عنه، ولا فرق في ذلك بين أن يكونان حرين أو مملوكين مأذونا لهما في التجارة أو أحدهما حرا والآخر مملوكا أو مكاتبا فإن وليه أو سيده يقوم مقامه فيه، فإن عرض له جنون أو إغماء أو خرس في مدة الخيار وكان الأخرس مما لا يعرف إشارته ولا يحسن شيئا من الكتابة قام وليه مقامه وفعل ما يكون له فيه الحظ والصلاح في ذلك، وإن كان ممن يفهم إشارته أو يحسن شيئا من الكتابة كان خياره باقيا وفعل في ذلك بحسب ما يشير إليه أو يكتب به، وإذا تصرف ولي هؤلاء القوم فيما ذكرنا عنهم ثم زال المرض العارض لهم عنهم لم يجز لهم الاعتراض عليه ولا خيار لهم فيه بحال.
وإذا أكره المتبائعان على الافتراق من المجلس ومنعا من الخيار والفسخ لم يؤثر ذلك في خيارهما ولا يبطله بل يكون ثابتا بحاله، وإذا زال ذلك عنهما كان الخيار لهما في مجلس زواله إذا لم يفترقا منه، وإن لم يمنعا من ذلك ووقع التفرق من غير أن يختار شيئا فقد بطل خيارهما، وإذا كان الوارث لخيار الشرط حاضرا عند موت صاحبه قام مقامه كما قدمناه، فإن كان قد مضى بعض ذلك كان الباقي له، وإن كان ولده غائبا وبلغه موت صاحبه