فإن تلقى متلق فصاحب السلعة بالخيار إذا دخل السوق، لأنه إنما جعل له الخيار لأجل الغبن.
فصل:
فأما الربا فيثبت في كل مكيل وموزون سواء كان مطعوما أو غير مطعوم بالنص لا بعلة بدليل إجماع الطائفة، فلا يجوز بيع بعضه ببعض - إذا اتفق الجنس أو كان في حكم المتفق كالحنطة والشعير عندنا - إلا بشروط ثلاثة زائدة على ما مضى: الحلول النافي للنسيئة، والتماثل في المقدار، والتقابض قبل الافتراق بالأبدان، بلا خلاف إلا من مالك فإنه قال:
إذا كان أحد العوضين مصوغا جاز بيعه بأكثر من وزنه وتكون الزيادة قيمة الصنعة، ويحتج عليه بما رووه من قوله ع: لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق إلا سواء بسواء، ولم يفصل، فأما قول ابن عباس ومن وافقه من الصحابة بجواز التفاضل نقدا فقد انقرض وحصل الاجماع على خلافه.
فإن اختلف الجنس وكان أحدهما ذهبا والآخر فضة سقط اعتبار التماثل فقط واعتبر الحلول والتقابض بلا خلاف، فإن لم يكونا ذهبا وفضة سقط اعتبار التماثل بلا خلاف، وأما اعتبار الحلول والتقابض هاهنا فهو الأحوط ويصح البيع من دونهما وإن كان مكروها بدليل إجماع الطائفة، ويحتج على المخالف بما رووه من قوله ص: فإن اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم.
وإن كان أحدهما ذهبا أو فضة والآخر مما عداهما سقط اعتبار الشروط الثلاثة بلا خلاف، وقد روى أصحابنا أنه إذا اتفق كل واحد من العوضين في الجنس وأضيف إلى أحدهما ما ليس من جنسه سقط اعتبار التماثل في المقدار، مثل بيع دينار ودرهم بدينارين أو بدرهمين، وألف درهم وثوب بألفين، ويدل على ذلك بعد الاجماع المشار إليه ظاهر القرآن ودلالة الأصل.
واللحمان أجناس مختلفة فلحم الإبل جنس منفرد عرابها وبخاتيها، ولحم البقر كذلك عرابها وجواميسها، ولحم الغنم صنف واحد ضأنها وماعزها، ولحم البقر الوحشي صنف