كتاب المكاسب قال الله تعالى: والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شئ موزون وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين، فقد جعل الله لخلقه من المعيشة ما يتمكنون به من التقدير وأمرهم بالتصرف في ذلك من وجوه الحلال دون الحرام فليس لأحد أن يتكسب بما حظره الله ولا يطلب رزقه من حيث حرمه.
والمعايش جمع معيشة وهي طلب أسباب الرزق مدة الحياة فقد يطلبها الانسان لنفسه بالتصرف والتكسب وقد يطلب له فإن أتاه أسباب الرزق من غير طلب فذلك العيش الهنئ.
باب في تفصيل ما أجملناه:
قوله تعالى: ومن لستم له برازقين، من في موضع النصب عطفا على قوله: معايش، والمراد به العبيد والإماء والدواب والأنعام، والعرب لا تجعل " من " إلا في الناس خاصة وغير هم من العلماء فلما كان مع الدواب المماليك حسن حينئذ، ويجوز أن يكون " من " في موضع خفض نسقا على الكاف والميم في " لوم "، وإن كان الظاهر المخفوض قلما يعطف على المضمر المخفوض، ويجوز أن يكون في موضع رفع لأن الكلام قد تم قبله ويكون التقدير ولكم فيها من لستم له برازقين.
وإن من شئ إلا عندنا خزائنه، أي ليس شئ إلا وهو قادر من جنسه على ما لا نهاية له،