باب البيع بالنقد والنسيئة:
من باع شيئا بنقد كان الثمن عاجلا وإن باعه ولم يذكر لا نقدا ولا نسيئة كان أيضا الثمن حالا، فإن ذكر أن يكون الثمن آجلا كان على ما ذكر بعد أن يكون الأجل معينا ولا يكون مجهولا مثل قدوم الحاج ودخول القافلة وإدراك الغلات وما يجري مجراها، فإن ذكر شيئا من هذه الأوقات كان البيع باطلا وكذلك إن باع بنسيئة ولم يذكر الأجل أصلا كان أيضا البيع باطلا، فإن ذكر المتاع بأجلين ونقدين مختلفين بأن يقول: ثمن هذا المتاع كذا عاجلا وكذا آجلا، ثم أمضى البيع كان له أقل الثمنين وأبعد الأجلين.
ومتى باع الشئ بأجل ثم حضر الأجل ولم يكن مع المشتري ما يعطيه إياه جاز له أن يأخذ منه ما كان باعه إياه من غير نقصان من ثمنه، فإن أخذه بنقصان مما باع لم يكن ذلك صحيحا ولزمه ثمنه الذي كان أعطاه به فإن أخذ من المبتاع متاعا آخر بقيمته في الحال لم يكن بذلك بأس، وإذا باع شيئا إلى أجل وأحضر المبتاع الثمن قبل حلول الأجل كان البائع بالخيار بين قبض الثمن وبين تركه إلى حلول الأجل ويكون ذلك في ذمة المبتاع فإن حل الأجل ومكنه المبتاع من الثمن ولم يقبض البائع ثم هلك الثمن كان من مال البائع دون المبتاع، وكذلك إن اشترى شيئا إلى أجل وأحضر البائع المبيع قبل حلول الأجل كان المبتاع مخيرا بين أخذه وتركه، فإن هلك قبل حلول الأجل كان من مال البائع دون مال المبتاع فإن حل الأجل وأحضر البائع المبتاع ومكن المبتاع من قبضه فامتنع من قبضه ثم هلك المتاع كان من مال المبتاع دون البائع.
ولا بأس أن يبيع الانسان متاعا حاضرا إلى أجل ثم يبتاعه منه في الحال ويزن الثمن بزيادة مما باعه أو نقصان، وإن اشتراه منه بنسيئة أيضا كان جائزا، ولا يجوز تأخير الثمن عن وقت وجوبه بزيادة فيه ولا بأس بتعجيله بنقصان شئ منه، ويكره الاستحطاط من الأثمان بعد انتقال المبيع وانعقاد البيع وليس ذلك بمحظور، وكل شئ يصح بيعه قبل القبض صح أيضا الشركة فيه، ولا بأس بابتياع جميع الأشياء حالا وإن لم يكن حاضرا في الحال إذا كان الشئ موجودا في ذلك الوقت أو يمكن وجوده، ولا يجوز أن يشترى حالا ما لا يمكن وجوده في الحال مثال ذلك أن يشترى الفواكه حالة في غير أوانها فإن ذلك