بالترك على وجه النسيان فإن وجوبه على العمد أولى وأيضا فليس الفاسق بأسوأ حال من المرتد فإذا وجب على المرتد بالأدلة المعروفة قضاء ما فاته في حال ردته فالفاسق بذلك أولى لأن الفاسق ليس ينتهي إلى مساواة الردة.
المسألة الخامسة والمائة:
ومن شرع في التطوع ثم أفسده لا يلزمه القضاء وعند أصحابنا أن من شرع في صلاة التطوع أو صوم التطوع ثم أفسده لا يلزمه القضاء وقال مالك: إن خرج بعذر لا قضاء عليه وإن خرج بغير عذر فعليه القضاء دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتكرر ذكره وأيضا ما روته أم هاني بنت أبي طالب قالت: جلس رسول الله ص عام الفتح وجلست فاطمة ع على يساره فاتته الوليدة بشراب فشرب ثم ناولني فشربت، فقلت: يا رسول الله إني كنت صائمة فكرهت أن أرد سؤرك فقال ع: إن كنت تقضين يوما مكانه وإن كان تطوعا فإن شئت فاقض وإن شئت فلا تقض وأيضا ما روته أم هاني عنه ع أنه قال: الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر وهذا التخيير بين الأمرين يوجب التساوي بينهما فإنه لا قضاء على المفطر لأنه لو وجب الصيام بالدخول لما أسند الصوم إلى اختيار فكما لا يقال لمن صام يوما من شهر رمضان إنه إن يشأ صام وإن يشأ أفطر وأيضا إن وجوب القضاء شرع وإيجاب في الذمة والأصل براءة الذمة وإن لا حرج فمن منع من ذلك فعليه الدليل القاطع للعذر ولا دليل فيه.
المسألة السادسة والمائة:
وجود الخوف شرط في جواز القصر في السفر. عندنا أن القصر ليس مشروط بالخوف في السفر وهو قول جميع الفقهاء على اختلافهم في وجوب القصر أو التخيير فيه الدليل على ذلك الاجماع المتقدم ذكره بل إجماع الفقهاء كلهم فما يعرف فيه خلاف وما يتجدد من الخلاف فلا اعتبار به وأيضا ما رواه يعلى بن منبه قال قلت: لعمر بن الخطاب أباح الله القصر في الخوف فأين القصر في غير الخوف فقال: عجبت مما عجبت منه