ما أماته الطواغيت من أحكام الله وسننه، وإقامة حدود الله سبحانه في الأرض.
يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:
(اللهم إنك تعلم أنه لم يكن الذي كان منا منافسة في سلطان ولا التماس شئ من فصول الحطام ولكن لنرد المعالم من دينك ونظهر الاصلاح في بلادك فيأمن المظلومون من عبادك وتقام المعطلة من حدودك) 1 ترى أنه صلوات الله عليه كان يأسف على ما وقع على الأمة الاسلامية من اهمال الدين وقطع علائق الاسلام وتعطيل حدود الله وأحكامه ويشكو من ذلك ويعير أصحابه عليه وكان صلوات الله عليه قد جاهد في سبيل الله وقاتل أعداء الدين لاحياء معالم الدين وإقامة ما عطل من حدود الله فإذا كانت الأمة الاسلامية المعاصرة أيضا غير مهمة بإقامة الحدود فهم أيضا جديرون بأن يلاموا على ذلك لوما عنيفا كما أن على المجاهدين أن يجاهدوا ويبذلوا طاقاتهم لاحياء شعائر الدين وحدود الله في عباده وبلاده.
ومع الأسف فقد عطلت إقامة الحدود طيلة أعوام كثيرة وذلك لسلطة الطواغيت وتوليهم أمور المسلمين، وقد جندوا - خذلهم الله - جميع طاقاتهم لتدمير الاسلام وأحكامه وآدابه لأنهم يريدون أن ترتد الشعوب المسلمة عن دينها وتتخذ القرآن مهجورا.
ومع ذلك كله فإن بعض المراجع العظام والعلماء الموجهين في بعض البلاد قد وفقوا لإقامة حدود الله تعالى قليلا أو كثيرا خصوصا بعد انتصار الثورة الاسلامية بإيران.
ثم إن أهمية إقامة الحدود وعظم خطرها وجلالة أمرها وبالغ أثرها حملت الفقهاء الأكابر على تبيين أحكامها وايضاح مواردها وأقسامها وما يتعلق بها، وبذلوا طاقاتهم كاملة في تحقيقها وتنقيح أدلتها.
ومن هؤلاء الفطاحل أستاذنا الأفخم، فقيه الطائفة وزعيمها، المرجع الأعلى وآية الله العظمى السيد محمد رضا الگلپايگاني مد ظله العالي، فإنه - أدام الله بقاءه - مع ضعف مزاجه وكثرة مشاغله وتحمله لأعباء المرجعية الكبرى شرع في تدريس الحدود وأبان مواضعها وبحثها بحثا كاملا جامعا طوال سنين، فقد شرع دام ظله في هذه الأبحاث الشريفة يوم الأحد الخامس عشر من ذي الحجة