وثانيا: إن مناسبات العاطف والمعطوف تمنع عن فعلية الاطلاق المذكور كما تقدم.
وثالثا: إن الرواية ليست مسوقة لبيان السراية وحدودها وإنما فرغ عن ذلك وكان النظر إلى حدود المانعية.
ومنها: معتبرة محمد بن مسلم قال: " سألت أبا جعفر (ع) عن آنية أهل الذمة والمجوس فقال: لا تأكلوا في آنيتهم ولا من طعامهم الذي يطبخون ولا في آنيتهم التي يشربون فيها الخمر " (1) وفي هذه الرواية ثلاثة من النواهي فقد يستدل بالنهي الأول بدعوى حمله على محذور حرمة أكل النجس واطلاقه لفرض كون المأكول جامدا فإن ذلك يدل حينئذ على أن الآنية منجسة للجامد ولا موجب لذلك إلا تنجيس المتنجس وقد يستدل بالنهي الأخير بنفس التقريب.
ومثل هذه الرواية أو أحسن منها معتبرة أخرى لمحمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال: " سألته عن آنية أهل الكتاب فقال لا تأكل في آنيتهم إذا كانوا يأكلون فيه الميتة والدم ولحم الخنزير " (2) فإنها واضحة في النظر إلى محذور النجاسة وإن النهي قد صدر بهذا الملاك لا بلحاظ حزازات معنوية فاطلاق هذا النهي لفرض كون الطعام جامدا يكشف عن كون الآنية المتنجسة تنجس الجامد ولا فرق في ذلك بين أن يحمل النهي على كونه واقعيا أو يحمل - كما هو الظاهر - على النهي الظاهري أو التنزيهي بلحاظ معرضية أوانيهم للخمر والدم والميتة إذ لولا تنجيس المتنجس لم يكن لهذه المعرضية أثر غير أن المتيقن من الدلالة المذكورة هو تنجيس المتنجس الأول ولا اطلاق فيها للمتنجس الثاني وما بعده لأن قوله مثلا