الثاني من هذا الشرح (1) ومر هناك البحث عن شمولها لموارد الشبهة الحكمية ولموارد الشك في النجاسة الذاتية. وأما ما أشير إليه في عبارة المتن المذكورة من الاستثناء فهو في موردين أحدهما رفضه السيد الماتن " قدس سره " والآخر أقره.
أما المورد الأول فهو مورد الشك في أن الدم من النوع النجس أو الطاهر. فقد ادعي تارة: إن الحكم في ذلك - مطلقا - هو البناء على الاجتناب، تخصيصا لدليل القاعدة. وادعي أخرى: بأن ذلك الحكم في خصوص الدم المرئ على منقار الطير. والأصل في هاتين الدعويين موثقة عمار، حيث ورد فيها: "... وعن ماء شرب منه باز أو صقر أو عقاب. فقال: كل شئ من الطير يتوضأ مما يشرب منه، إلا أن ترى في منقاره دما، فإن رأيت في منقاره دما فلا توضأ منه ولا تشرب " (2) وهذه الفقرة تشتمل على جملتين، وقوله " فإن رأيت في منقاره دما فلا توضأ منه ولا تشرب هو الذي يدعى كونه مخصصا لقاعدة الطهارة، لأنه حكم بالاجتناب بمجرد رؤية الدم، مع أنه قد لا يكون من القسم النجس. وأما قوله قبل ذلك: (كل شئ من الطير يتوضأ مما يشرب منه)، فلا يعارض قاعدة الطهارة بل يؤيدها، وإنما قد يتوهم معارضتها للاستصحاب، حيث إنها تقتضي باطلاقها عدم الاجتناب حتى مع رؤية الدم سابقا إذا لم يكن مرئيا فعلا واحتمل زواله، مع أن مقتضى الاستصحاب حينئذ وجوب الاجتناب. ففي الرواية المذكورة - إذن - جهتان من البحث:
الأولى: في توهم معارضتها أو تخصيصها لقاعدة الطهارة. وتوضيح