وأما لو شهد أحدهما بالاجمال والآخر بالتعيين كما إذا قال أحدهما أحد هذين نجس وقال الآخر هذا معينا نجس ففي المسألة وجوه وجوب الاجتناب عنهما ووجوبه عن المعين فقط وعدم الوجوب أصلا (1) أنها إنما تكون علما بالتعبد بمقدار موردها وهو الجامع فكل من الطرفين بخصوصه ليس معلوم النجاسة ولو تعبدا فيكون مشمولا لدليل قاعدة الطهارة وبهذا تحصل المعارضة بين اطلاق دليل قاعدة الطهارة للطرفين معا واطلاق دليل الحجية للبينة القائمة على العنوان الاجمالي ولا يتوهم أن حال الطرفين في المقام حال طرفي العلم الاجمالي الوجداني بالنجاسة وذلك لأن الأصول المؤمنة لا يمكنها أن تعارض مع قانون تنجيز العلم الاجمالي الوجداني لكونه عقليا ولا أن تزيل نفس العلم الوجداني لكونه تكوينيا، وهذا بخلافه في المقام فإن حجية البينة بنفسها حكم شرعي ظاهري كقاعدة الطهارة وبعد فرض عدم حكومة أحد دليلهما على الآخر يتعارضان، وهذه الشبهة إنما ترد لو قيل بأن مدرك تقديم دليل حجية البينة أو الخبر على دليل القاعدة هو الحكومة فقط وأما لو قيل بالأخصية عرفا فمن الواضح أن اطلاق الأخص مقدم على اطلاق الأعم دائما.
(1) أما وجوب الاجتناب عن المعين فقط فبدعوى إن المعين قامت البينة على وجوب الاجتناب عنه فإن أحد الشاهدين شهد بنجاسته والآخر شهد بنجاسة أحدهما وهذا يستتبع وجوب الاجتناب عنهما معا فوجوب الاجتناب عن المعين متفق عليه بين الشاهدين بخلاف الآخر، ويرد عليه أن وجوب الاجتناب الواقعي عن المعين لا تستدعيه شهادة الشاهد بالاجمال