الشرح واتضح إن الماء القليل لا ينفعل بملاقاة المتنجس (1) وإن غيره من المائعات إن قيل بانفعالها فإنما تنفعل بملاقاة المتنجس الأول (أي المتنجس بعين النجس) (2) ولا دليل على انفعاله بملاقاة المتنجس الثاني لأن مدرك الانفعال بالمتنجس الأول رواية عمار الواردة في دن الخمر والدالة على المنع عن وضع الخل فيه قبل أن يغسل وهذا المنع يدل على أن الدن منجس وهو متنجس أول فلا تقتضي الرواية أكثر من تنجيس المتنجس الأول للمائع.
الجهة الثالثة: في أن المتنجس غير المائع هل ينجس الجامد ونخصص الكلام هنا بالمتنجس الأول (وهو المتنجس بعين النجس) وأما منجسية المتنجس الثاني (أي المتنجس بالمتنجس) فيأتي الكلام عنها في الجهة الرابعة.
ولكن قبل الدخول في بحث هاتين الجهتين بلحاظ روايتهما لا بد من الالتفات إلى نكتة وهي أنه يمكن أن يقال بناء على مباني جماعة من الفقهاء كالسيد الأستاذ وغيره بعدم الحاجة إلى استئناف بحث في هاتين الجهتين لكفاية النتائج التي خرجوا بها من الجهتين السابقتين للحكم بالتنجيس في هاتين الجهتين وذلك بأحد وجهين:
الوجه الأول: أن هؤلاء الأعلام افترضوا في الجهة الأولى إن المائع المتنجس ينجس على كل حال وفي الجهة الثانية إن الماء القليل فضلا عن غيره من المائعات ينفعل بملاقاة المتنجس مطلقا فإذا جمعنا بين هذين المبنين نتج إنا لو جعلنا ماءا قليلا يلاقي ثوبا متنجسا سواء كان متنجسا أولا أو متنجسا ثانيا للتنجس الماء القليل بحكم ما بنوا عليه في الجهة الثانية من