عن ذلك إذ لا سراية بدون رطوبة حتى من عين النجس وإذا افترضنا الرطوبة وأخذنا بعين الاعتبار ما بني عليه السيد الأستاذ وغيره من الأعلام من أن الرطوبة المسرية الدخيلة في التنجيس لا بد أن يصدق عليها عنوان الماء أي تكون جوهرا عرفا لا عرضا ومجرد صفة كالرطوبة غير المسرية وأخذنا بعين الاعتبار أيضا ما بنوا عليه من انفعال الماء القليل بملاقاة المتنجس مطلقا فينتج أن الرطوبة المفترضة في المقام في أحد المتلاقيين تكون ماء وبالتالي تتنجس بملاقاة المتنجس وإذا تنجست نجست الجامد الطاهر من المتلاقيين لما بنوا عليه من كون الماء القذر منجسا للجامد مطلقا وهكذا يثبت أن الجامد الطاهر متى ما لاقى الجامد المتنجس مع الرطوبة المسرية يحكم بنجاسته بدون حاجة إلى استئناف بحث في ذلك وإذا لم نبني على انفعال الماء القليل بملاقاة المتنجس أجرينا هذا الكلام فيما إذا كانت الرطوبة من غير الماء وأما إذا لم نشترط في الرطوبة المسرية أن تكون على نحو يصدق عليها عنوان الماء ونحوه فلا يتجه هذا البيان رأسا لأننا نفترض البحث في الجهة الثالثة والرابعة فيما إذا كانت هناك رطوبة مسرية غير واصلة إلى تلك المرتبة فلا معنى لتنجسها بما هي رطوبة وإنما القابل لأن يتنجس حينئذ الجسم الجامد الملاقي فيقع الكلام عن تنجيس المتنجس له.
وعلى أي حال فالكلام الآن يقع في الجهتين الثالثة و الرابعة أي في تنجيس المتنجس الأول الجامد للجامد وتنجيس المتنجس الثاني الجامد وما بعده من الرتب للجامد ونلحق بالبحث في الجهة الثالثة المتنجس الأول بالماء المتنجس حيث تقدم في الجهة الأولى إن الماء المتنجس ينجس ملاقيه فإذا حصلنا على دليل على تنجيس الجامد المتنجس بملاقاة المائع المتنجس كان بنفسه دليلا على تنجيس الجامد المتنجس الأول بعين النجس أيضا إذ لا يحتمل فقهيا وعرفا أن يكون المتنجس بالمائع المتنجس أشد تنجيسا