فيشكل اطلاقه - حتى بقطع النظر عن اللغوية - للوجود الثاني من الملاقاة، كما يظهر بالتتبع.
وأما المورد الثاني للاستثناء فهو البلل المشتبه الخارج قبل الاستبراء، إذ يحكم عليه بالنجاسة - كما يحكم بالناقضية - على خلاف اطلاق قاعدة الطهارة، لروايات خاصة (1). وتحقيق حال هذه الروايات دلالة وسندا موكول إلى محله، وإنما نتكلم الآن بعد الفراغ عن تماميتها في امكان اثبات النجاسة بها في مقابل قاعدة الطهارة.
وقد ذهب صاحب الحدائق قدس سره - خلافا للمشهور - إلى قصور روايات الاستبراء عن اثبات النجاسة الخبثية، واختصاصها بأثبات الناقضية وهذا الاتجاه بالامكان تقريبه بأحد نحوين:
الأول: أن يقال بقصور المقتضي في دلالتها، لأن مفادها التعبد بالنقض، ولا ملازمة بينه وبين التعبد بالنجاسة في مرحلة الحكم الظاهري.
والثاني: أن يقال - بعد تسليم دلالتها بالاطلاق على التعبد بالنجاسة أيضا - أن هذه الروايات معارضة لكل من دليل الاستصحاب وقاعدة الطهارة، غير أنها أخص من دليل الاستصحاب لأنها منافية له بتمام مدلولها وأما مع القاعدة فالنسبة بينهما العموم من وجه، لأن القاعدة تثبت الطهارة ولا تنفى النقض ظاهرا، وروايات الاستبراء تنفي الطهارة في البلل المشتبه ولا تتعرض لحال مشتبه آخر. وعليه فإما أن يقدم دليل القاعدة لكونه بالعموم ودلالة الروايات على النجاسة باطلاق التنزيل، وإما أن يتساقطا في مادة الاجتماع ويرجع إلى أصول مؤمنة أخرى أدنى مرتبة.
أما الاتجاه الأول فقد يجاب بعدة وجوه: