لم يريدوا به نفس هذا المفهوم الكلى بل انما أرادوا به الموجود بما هو موجود في نفس الامر من غير تخصيص بطبيعة خاصه أو بكمية فان الانسان كما يصدق عليه انه موجود جسماني طبيعي كذا يصدق عليه انه موجود مطلق لا بقيد الاطلاق ولا بقيد التخصيص أيضا فالبحث عن الشئ بما هو مصداق للموجود المطلق حرى بان يذكر في الفلسفة الأولى والذي هو مستغن عن الاثبات لأنه بديهي الثبوت هو فرد الموجود المطلق بما هو فرد له مطلقا لما يشاهد من الموجودات لا نفس هذا المفهوم الكلى الذي لا يوجد الا في الذهن.
الثالث ان الذي تصوره وصوره في الفرق بين الواجب لذاته والممكن لذاته مما لا تعويل عليه فان كون ذات الباري مما لا يمكن تعقله ولا له وجود ذهني مبنى على أنه عين الوجود البحت لا ان كونه (1) كذلك يبتنى على كونه غير متعقل.
وأيضا يكفي في كون الشئ قابلا للتحليل كونه بحيث لو حصل في العقل كان للعقل ان يحلله وان امتنع حصوله في العقل فاذن الفرق بين الواجب والممكن في كون الموجود المطلق عين أحدهما وزائدا على الاخر ليس كما تصوره بل الحق في الفرق بينهما ان يقال إن الممكن قابل للتحليل إلى حيثيتين حيثية كونه موجودا وحيثية كونه أمرا آخر يخالف الموجودية بخلاف الواجب فان جميع حيثياته هي بعينها حيثية الموجود البحت إذ لا جهة نقص فيه وكل ممكن يوجد فيه جهة نقص أو جهات نقائص هي غير جهة الوجود والوجوب مثلا الفلك ليس محض الوجود إذ حيثية كونه ناقص الوجود مفتقرا إلى مكان أو حيز محتاجا إلى سبب ومحرك وكذا حيثية حمل كثير من السلوب والاعدام فيه التي بإزاء الكمالات والملكات ليست بعينها حيثية كونه موجودا واما الواجب فهو محض حقيقة الوجود الخاص الذي يحمل عليه هذا العنوان وكثير من العنوانات الكمالية التي مصداقها كلها حيثية الوجود الخاص وموجوديته بنفس هويته العينية لا بذلك المفهوم المطلق فهو موجود بنفسه