سواء حمل عليه الموجود المطلق أم لا لكن يلزم ان يكون ذاته بذاته بحيث يكون في نفسه مصداقا لهذا المفهوم وصدقه على ذاته لا يوجب ان يوجد فيه حيثيتان متغايرتان فان كونه هذا الموجود وكونه موجودا مطلقا شئ واحد لا فرق الا بالتعين والابهام كما أن كون زيد هذا الموجود وكونه موجودا لا بعينه لا يوجب التركيب فيه والذي يوجب ذلك فيه كونه موجودا وكونه قابلا للعدم والنقص والشر وكذا كونه بالفعل انسانا وكونه بالقوة كاتبا أو عالما يوجب التكثر في ذاته والحكماء انما حكموا بكون كل ذي مهية معلولا لان حيثية المهية والامكان يخالف حيثية الفعلية والوجود فبالحيثية الأولى يستدعى علة ويفتقر إليها وبالحيثية الثانية قد يستغنى عنها كما في الواجب لذاته جل ذكره.
تذييل وتسجيل وبالجملة فالقول بان ذاته تعالى هو الموجود البحت صحيح إذا أريد به حقيقة الوجود فان للوجود حقيقة وهو بنفسه موجود وغيره به موجود كما أن للبياض حقيقة وهو بنفسه ابيض وغيره به ابيض وأما إذا أريد بالموجود أو الوجود نفس هذا المفهوم والحكاية دون المحكى عنه بهما فلا شك في بطلانه.
فان قلت كيف يكون ذات الباري عين حقيقة الوجود والوجود بديهي التصور (1) وذات الباري مجهول الكنه.
قلت قد مر سابقا ان شده الظهور وتأكد الوجود هناك مع قصور قوة الادراك وضعف الوجود هيهنا صارا منشئين لاحتجابه تعالى عنا والا فذاته تعالى في غاية الاشراق والإنارة فان رجعت وقلت إن كان ذات الباري نفس الوجود فلا يخلو اما ان يكون الوجود حقيقة الذات كما هو المتبادر أو يكون صادقا عليها صدقا عرضيا كما يصدق عليه مفهوم الشئ وعلى الأول اما ان يكون المراد به هذا المعنى العام البديهي التصور المنتزع من الموجودات أو معنى آخر والأول ظاهر الفساد والثاني يقتضى ان يكون حقيقته غير ما يفهم من لفظ الوجود كسائر المهيات غير انك سميت تلك الحقيقة