الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٦٦
هذا المعنى العام لهما هو ما قام به الوجود أعم من أن يكون وجودا قائما بنفسه فيكون قيام الوجود به قيام الشئ بنفسه ومن أن يكون (1) من قبيل قيام الأمور المنتزعة العقلية بمعروضاتها كالكلية والجزئية ونظائرهما ولا يلزم من كون اطلاق القيام على هذا المعنى مجازا ان يكون اطلاق الموجود مجازا.
فيتلخص من هذا ان الوجود الذي هو مبدء اشتقاق الموجود امر واحد موجود في نفسه وهو حقيقة خارجية والموجود أعم منه ومما ينتسب إليه وإذا حمل كلام الحكماء على ذلك لم يتوجه ان المعقول من الوجود امر اعتباري هو أول الأوائل التصورية فاطلاقه على تلك الحقيقة القائمة بذاتها انما يكون بالمجاز أو بوضع آخر فلا يكون عين حقيقة الواجب ويندفع الهرج والمرج الذي يعرض للناظرين بحيث يتشوش الذهن ويتبلد الطبع.
فان قلت ما ذكرته من أنه يمكن حمل كلامهم على ذلك لا يكفي بل لا بد من الدليل على أن الامر كذلك في الواقع.
قلت لما دل البرهان على أن وجود الواجب عينه ومن البين ان المفهوم البديهي المشترك لا يصلح لذلك.
فان قلت لم لا يجوز ان يكون هويتان يكون كل منهما واجبا بذاته ويكون مفهوم واجب الوجود مقولا عليهما قولا عرضيا.
قلت يكفي في دفع هذا الوهم تذكر المقدمات السابقة وتفطن المقدمات اللاحقة إذ قد علمت أنه لو كان كذلك لكان عروض هذا المفهوم لهما اما معلولا لذاته فيلزم تقدمه بالوجود على نفسه أو بغيره فيكون أفحش وقد تحقق وتقرر ان ما يعرضه الوجوب أو الوجود فهو ممكن فاذن واجب الوجود هو نفس الوجود المتأكد القائم بذاته

(1) ففي الماهيات المنتسبة إلى الوجود وإن كان الوجود الحقيقي غير قائم بها لكن مفهوم الوجود المشترك قائم بها قيام الانتزاعيات بمعروضاتها وهذا أعم لصدقه على الماهيات المنتسبة كما قلنا وعلى الوجود القائم بذاته لان الوجود الانتزاعي قائم به أيضا قيام الانتزاعيات بمعروضاتها كما مر في السفر الأول نقلا عن الشيخ انه يصدق على الوجود الحقيقي البحت الواجبي انه موجود بمعنى ذات ثبت له الوجود العام - س قده.
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست