الربوبية والحكمة الإلهية ولما كان أفضل نعم الله الفائضة على خلقه وأشرف عطياته التي آتاها من لدنه عبدا من عباده هو الذي سماه الله في كتابه المنير بالخير الكثير أعني الحكمة الإلهية والمعرفة الربوبية ولا شك انها السعادة العظمى والبهجة الكبرى وبتحصيلها ينال الشرف الكبير والسيادة العليا التي تفوق سائر الدرجات الرفيعة والكمالات المنيعة وكل من آتاه الله نعمه يجب بحسبه عليه شكرا واحسانا فيجب على من آتاه الله رحمه من عنده وعلمه من لدنه علما وأفاده قوة في هذا العلم يمشى به في ارض الحقائق ونورا تهتدى به في ظلمات البرازخ السفلية وجناحا يطير به إلى أوج العوالم العلوية وبصيرة أراه بها ملكوت السماوات والأرض كما قال تعالى وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ان يسارع إلى شكر نعمه الله وجوده ويبادر إلى اظهار كرمه ورحمته امتثالا لقوله تعالى واما بنعمه ربك فحدث واستجلابا لمزيد احسانه كما ذكره لئن شكرتم لأزيدنكم من ايضاح هذه المطالب المهمة وكشف هذه المقاصد العلية لينتفع بها العباد ويترتب عليها صلاح المعاد.
ففي هذا العلم يظهر مقامات الرجال ودرجات الأحوال في المال فان تيسر لاحد فقد حصل له الخير الأتم والكمال الأعم وان سطره في كتاب ففيه الاجر الجزيل والذكر الجميل فيوشك ان يجعل من ورثه جنه المتقين وأن يكون له لسان صدق في الآخرين وذلك لان ارشاد أبناء الجنس (1) من الطالبين من أعظم القربات إلى رب العالمين وهو من شعار الأنبياء المرسلين سلام الله على نبينا وآله وعليهم أجمعين