وامكان بوجه من الوجوه واما الصفات الأخرى فبعضها يكون المعنى فيها هذا الوجود مع اضافه وبعضها هذا الوجود مع سلب وشئ منها لا يوجب كثره في ذاته البتة فاللواتي تخالط السلب كقول القائل انه أحد لم يرد منه الا هذا الوجود نفسه مع ملاحظة انه مسلوب عنه القسمة بوجه من الوجوه لا إلى الاجزاء الكمية ولا إلى الاجزاء الوجودية كالمادة والصورة العينية أو الذهنية ولا إلى الاجزاء القولية كالجنس والفصل وكما إذا قلنا إنه واحد فرد لم نعن الا هذا الوجود مسلوبا عنه المشارك في الجنس أو في وجوب الوجود كما إذا قلنا إنه عقل وعاقل ومعقول لم نعن الا ان هذا الوجود مسلوب عنه جواز مخالطه المادة وعلائقها مع اعتبار اضافه ما هكذا في الشفاء.
والحق عندنا ان هذا المعنى السلبي غير داخل في مفهوم التعقل والادراك وان لزمه في الواقع بل الادراك عبارة عن وجود شئ لشئ وحضوره له والمادة و الماديات لا حضور لها في نفسها ولا لشئ بحسب ذلك الوجود فلأجل عينيتها وعدم وجودها الجمعي يكون مجهولا دائما الا بواسطة صوره أخرى لها وجود حضوري و كلما كان الوجود أقوى كان الادراك أقوى فالوجود الأقوى هو الصور العقلية على درجاتها في القوة ثم المثل الخيالية ثم المثل الحسية وإذا انتهى في الضعف إلى أن يكون صوره مادية فيغيب عن الادراك ولا يقبل النيل والمثول واما اللواتي تخالط الإضافة فمثل قول القائل الأول لا يعنى به الا اضافه هذا الوجود إلى الكل اضافه الفاعلية أو نحوها وكقوله الاخر لا يعنى به الا اضافه هذا الوجود إليها اضافه الغائية أو شبهها وكما إذا قيل إنه قادر لا يعنى به الا انه واجب الوجود مضافا إلى أن وجود غيره يجب عنه ويتحقق به وإذا قيل إنه حي لم يعن به الا هذا الوجود العقلي مأخوذا مع الإضافة إلى صوره الكل المعقولة أيضا بالقصد الثاني كما سبق إذ الحي هو الدراك الفعال (1) وهكذا القياس في سائر الصفات الإلهية وقد سبق بيان اتحادها