أقول ما ذكره لم يدفع به الاشكال بل صار أقوى إذ لم يزد في بيانه الا ان أثبت في نفس الفعل تعارضا بين طرفي وجوده وعدمه وجانبي ايجاده وتركه بحسب الداعي فهيهنا ان لم يترجح أحد الجانبين على الاخر فيلزم الترجيح من غير مرجح وان ترجح والله عالم بذلك الرجحان فيجب صدوره عن علمه فلا تردد إذ الحكم برجحانه وقع على القطع وكان صدوره حتما مقضيا والذي سنح لهذا الراقم المسكين ان وجود هذا الأشياء الطبيعية الكونية وجود تجددي لما مر بيانه من تجدد الطبيعة الجوهرية وكل امر تدريجي الوجود يكون كل جزء من اجزائه المفروضة مسبوقا بامكان استعدادي سابق على تحققه وذلك الامكان هو نفس الجزء السابق عليه إذ الامكان ذاتيا كان أو استعداديا معناه لا ضرورة الطرفين المساوق لتساويهما اما بحسب نفس مرتبه المهية السابقة على وجودها سبقا ذاتيا من جهة المهية كما في الامكان الذاتي أو بواسطة وجود امر في مادة الشئ سابقا عليه بحسب الزمان فكل جزء من اجزاء الامر المتجدد الحصول في ذاته المتدرج الوجود كالحركة عند الجمهور والطبيعة الجسمانية عندنا امكان للجزء اللاحق به منها فأجزاؤه كلها امكانات وقوى لأنه ضعيف الوجود يتشابك الوجود والعدم في هذا النحو من الكون وهو مع ذلك واجب الفعلية والحصول من السبب المقتضى لحصوله الا ان وجوبه وجوب الامكان وفعليته فعليه القوة.
إذا تقرر هذا فنقول لما تقرر ان وجود الأشياء الواقعة في هذا العالم من مراتب علمه التفصيلي فهي علوم له بوجه ومعلومات له بوجه فكل منهما بما هو علم تردد في العلم وبما هو معلوم امكان للوجود ثم إن النفوس الانسانية سيما نفس المؤمن يقع فيها هذه الامكانات والترددات أكثر أنواعا وأعدادا لكونها ذات أكوان وأنحاء كثيره في الوجود بحسب الأكوان الجمادية والنباتية والحيوانية والأطوار التي بعدها إلى أن يخلص من الاستحالات والتقلبات الوجودية إلى جانب القدس و عالم البقاء والثبات بقوة إلهية قابضه للأرواح والنفوس عن أبدانها جاذبه بخوادمها وأعوانها للطبائع والصور عن موادها فكما ينتزع العقل بقوته الفكرية صوره شئ