الكثيرة والعجب من امام الباحثين المناظرين كيف جرى الحق على لسانه ورجع عن اصراره على نصره مذهب الأشعري من ابطال القول بالعلة والمعلول فقال في المباحث المشرقية واعلم انك متى حققت علمت أن النكتة في مسألة القدم والحدوث والجبر والقدر شئ واحد وهو ان الشئ متى كانت فاعليته في درجه الامكان و الجواز استحال ان يصدر عنه الفعل الا بسبب آخر فهذه المقدمة هي العمدة في المسألتين ثم إن فاعليه الباري لما استحال ان يكون وجوبها بسبب منفصل وجب ان يكون وجوبها لذاته ومتى كانت فاعليته لذاته وجب دوام الفعل واما فاعليه العبد فلما استحال ان يكون وجوبها لذات العبد لعدم دوام ذاته ولعدم دوام فاعليته لا جرم وجب استنادها إلى ذات الله وحينئذ فيكون فعل العبد بقضاء الله وقدره فان قيل إذا كان الكل بقدره فما الفائدة في الأمر والنهي والثواب والعقاب وأيضا إذا كان الكل بقضاء الله وقدره كان الفعل الذي اقتضى القضاء وجوده واجبا والذي اقتضى القضاء عدمه ممتنعا ومعلوم ان القدرة لا تتعلق بالواجب والممتنع فكان يجب ان لا يكون الحيوان فاعلا للفعل والترك بالقدرة لكنا نعلم ببديهة العقل كوننا قادرين على الافعال فبطل ما ذكرتموه فالجواب اما الأمر والنهي (1) فوقوعهما أيضا من القضاء والقدر واما الثواب والعقاب فهما من لوازم الافعال الواقعة بالقضاء فان الأغذية الردية كما انها أسباب الأمراض الجسمانية كذلك العقائد الفاسدة والأعمال الباطلة أسباب الأمراض النفسانية وكذلك القول في جانب الثواب واما حديث القدرة فوجوب الفعل لا ينافي كونه مقدورا لان وجوب الفعل معلول وجوب القدرة والمعلول لا ينافي العلة بل متى كان وجوبه لا لأجل القدرة فحينئذ يستحيل ان يكون مقدورا بالقدرة والذي يدل على صحه ما ذكرناه ان أصحاب هذا القول يقولون
(٣٨٦)