الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣٥٧
غير شئ يتداخله فيهيجه وينقله من حال إلى حال لان ذلك من صفه المخلوقين العاجزين المحتاجين وروى (1) مثل ذلك أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي في كتاب التوحيد وفيه ان الرضا والغضب دخال تدخل عليه وخالقنا لا مدخل للأشياء فيه لأنه واحد إحدى الذات واحدى المعنى.
أقول نعت المخلوق بالأجوف تشبيه في غاية الحسن والبلاغة في الكلام وهو في مقابله نعت الله بالصمد (2) وذلك لان كل ممكن مركب من مهية ووجود والمهية كالعدم في أنها لا تحصل لها في ذاتها لكن الوجود قد حصلها وعينها فكأنه أحاط بها كإحاطة الكره المجوفة بالفضاء الذي لا تعين له الا بالمحدد وأيضا الهويات الوجودية التي للممكنات قد علمت أن كلا منها مستصحب للاعدام والنقائص فلها تجاويف (3) بحسب تلك الاعدام والنقائص وكلما نزل الوجود وبعد عن منبع الخير والجود تضاعف فيه العدم والنقصان فكأنه صار أكثر جوفا وأقل سمكا وأرق قواما ثم إن الموجودات الطبيعية مركبه من مادة هي ما به الشئ بالقوة وصوره هي ما به الشئ بالفعل والصورة كأنها محيطه بالمادة لأنها تحصل المادة وتعينها لأنها مبهمة الذات عدمية الهوية فكل شئ طبيعي مادي كأنه أجوف.
وإذا تقرر هذا فاعلم أن سبب كون الشئ (4) بحيث يلحقه الأمور الخارجية

(1) لا يخفى عليك دلالة الروايتين على كون الإرادة من صفات الفعل ط مد ظله (2) فان الصمد هو السيد المقصود في الحوائج الغنى المغنى وقد جاء في اللغة بمعنى المصمت الذي لا جوف له ولذا ردف بلا يطعم في الأسماء المركبة الشريفة فلما كان تعالى بسيط الحقيقة جامعا لكل كمال وخير ولا يسلب عنه وجود بما هو خير فهو غنى جامع لكل ما يحتاج إليه كل محتاج ذو روح وغيره ومن آياته في عالم الصور المصمت الذي لا جوف له تعالى الموجود العرى البرئ من الوسط عن التشبيه علوا كبيرا س قده (3) كبيوت النحل فالكمالات والفعليات الحاصلة لكل هويه تملأ تلك الخلل وتسد تلك الثغور فالتجاويف في هذا الوجه القصورات التي في نفس الموجودات بإزاء الكمالات الميسرة لها وفي الوجه الأول التجويف هو الماهية س قده (4) قد أشار إلى أن ليس المراد بالتجاويف الفقدانات المحضة بل فقدانات لها قوة الوجدانات فايداعها في الممكن كمال له لا نقص كالأولى نعم هي كالكمال الأول مثل الحركة والفعليات كالكمال الثاني مثل ما إليه حركه - س قده.
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»
الفهرست