الذي هو الكمال فإن كان واجب الوجود بذاته هو الفاعل فهو أيضا الغاية والغرض وكذلك لو عرفنا الكمال في بناء بيت نبنيه ثم رتبنا أمور ذلك البناء على مقتضى ذلك الكمال كان الغرض ذلك الكمال فإذا كان ذلك الكمال هو الفاعل كان الفاعل والغرض واحدا ومثال هذه الإرادة (1) فينا إذا انا تصورنا شيئا وعرفنا انه نافع أو صواب حرك هذا الاعتقاد والتصور القوة الشهوانية ما لم يكن هناك مرجح ولم يكن هناك مانع فلا يكون بين التصور والاعتقاد المذكورين وبين حركه القوة الشهوانية اراده أخرى الا نفس هذا الاعتقاد فكذلك اراده واجب الوجود فان نفس معقولية الأشياء له على الوجه الذي أومأنا إليه هي علة وجود الأشياء إذ ليس يحتاج إلى شوق إلى ما يفعله وطلب لحصوله ونحن انما نحتاج إلى القوة الشوقية ونحتاج في الإرادة إلى الشوق لنطلب بالآلات ما هو موافق لنا فان فعل الآلات يتبع شوقا يتقدمه وهناك ليس يحتاج إلى هذا الشوق واستعمال الآلات فليس هناك الا العلم المطلق بنظام الموجودات وعلمه بأفضل الوجوه التي يجب ان يكون عليها الموجودات وعلمه بخير الترتيبات وهذا هو العناية بعينها فانا لو رتبنا أمرا موجودا لكنا نعقل أولا النظام الفاضل ثم نرتب الموجودات التي كنا نريد ايجادها بحسب ذلك النظام الأفضل وبمقتضاه فإذا كان النظام والكمال نفس الفاعل ثم كان يصدر الموجودات عن مقتضاه كانت العناية حاصله هناك وهي
(٣٦٠)