وانه واجب الفيضان (1) عنه وعالم بان هذه العالمية (2) يوجب ان يفيض عنها الوجود على الترتيب (3) الذي يعقله خيرا ونظاما وفيضان الخير والنظام عنه غير مناف لذاته الفياضة بل إنه مناسب له (4) وتابع لخيرية ذاته الفياضة ولازم جوده التام الذي هو نفس ذاته فاذن مجعولاته مراده له ونظامه الصادر عنه مرضى لذاته لا على سبيل ان يعلمها ثم يرضى بها بل على سبيل ان نفس علمه بها نفس رضاه بها واختياره إياها.
فاذن قد انصرح واتضح ان كونه عالما ومريدا امر واحد من غير تغاير لا في الذات ولا في الاعتبار فاذن ارادته بعينها هي علمه بالنظام الأتم وهو بعينه هو الداعي والغاية في هذا الاختيار لا امر آخر من العالم الامكاني وقد مر في مباحث العلة الغائية ان العالي لا يفعل شيئا لأجل السافل ولا غرض للقوى العالية في ما دونها حتى يفعل لأجل صلاح ما دونها شيئا فالنفس مثلا لا تدبر البدن لأجل البدن بل لغرض آخر فوق البدن والنفس جميعا وهو تحصيل الكمال والوصول والتقرب إلى المبدء الفعال وكذا القوة الغاذية لا تورد الغذاء وتهضمها وتلصقها وتشبهها بالمغتذي لأجل صلاح حال الغذاء أو نفع المغتذى بل لأجل المحافظة على كمالها و الاقتداء بما فوقها (5) وكذا النار لا تحرق الحطب لأجل تحصيل الرماد أو الفحم أو