الذي لا يشاركه فيه غيره دون الوجود البسيط العقلي الذي يجتمع فيه مع ذلك الشئ أشياء كثيره.
فإذا تقرر هذا فنقول ان الذي أقيم البرهان على استحالته هو ثبوت المهية مجرده عن الوجود أصلا سواء كان وجودا تفصيليا أو وجودا اجماليا واما ثبوتها قبل هذا الوجود الخاص الذي به تصير أمرا متحصلا بالفعل متميزا عن ما سواها فلا استحالة فيه بل الفحص البالغ والكشف الصحيح يوجبانه كما ستعلم فهؤلاء العرفاء إذا قالوا إن الأعيان الثابتة في حال عدميتها اقتضت كذا أو حكمها كذا فأرادوا بعدمها العدم المضاف إلى وجودها الخاص المنفصل في الخارج عن وجود آخر لغيرها لا العدم المطلق لان وجود الحق تعالى ينسحبها كلها لان تلك الأعيان من لوازم أسماء الله تعالى ولا شك ان أسمائه تعالى وصفاته كلها مع كثرتها وعدم احصائها موجودة بوجود واحد بسيط فلم يكن هي بالحقيقة معدومات مطلقه قبل وجوداتها العينية بل المسلوب عنها في الأزل هذا النحو الحادث من الوجود وبهذا يحصل فرق تام وبون بعيد بين مسلك التصوف ومسلك الاعتزال وقد أسلفنا لك في مباحث تقاسيمهم صفات الله وأسمائه أنموذجا من هذا الباب وتلميحا إلى معرفه عالم الأسماء وان ذلك العالم عظيم جدا وسينكشف لك (1) ان هذا المنهج قريب المنهج من مذهب من رأى من الأقدمين ان علم الباري بالأشياء قبل وجودها عبارة عن عقل بسيط أزلي ومع بساطته وأزليته ووجوبه الذاتي هو كل الأشياء على وجه أعلى وارفع و أشرف وأقدس إذ كما أن للأشياء وجودا طبيعيا في هذا العالم ووجودا مثاليا ادراكيا جزئيا في عالم آخر ووجودا عقليا كليا في عالم فوق الكونين فكذلك لها وجود أسمائي إلهي في صقع ربوبي يقال له في عرف الصوفية عالم الأسماء