أما عن المسؤولية المباشرة للضمان: فإن حدود هذا المسؤولية تختلف عن حدود الضمان، الذي تمارسه الدولة على أساس مبدأ التكافل العام. فإن هذه المسؤولية لا تفرض على الدولة ضمان الفرد في حدود حاجته الحياتية فحسب، بل تفرض عليها ان تضمن للفرد مستوى الكفاية من المعيشة الذي يحياه افراد المجتمع الإسلامي، لأن ضمان الدولة هنا ضمان إعالة. وإعالة الفرد هي القيام بمعيشته وإمداده بكفايته. والكفاية من المفاهيم المرنة، التي يتسع مضمونها كلما ازدادت الحياة العامة في المجتمع الإسلامي يسرا ورخاء. وعلى هذا الأساس يجب على الدولة أن تشبع الحاجات الأساسية لفرد، من غذاء ومسكن ولباس، وان يكون إشباعها غير الحاجات الأساسية من ساير الحاجات، التي تدخل في مفهوم المجتمع الإسلام عن الكفاية تبعا لمدى ارتفاع مستوى المعيشة فيه.
والنصوص التشريعية التي تدل على المسؤولية المباشرة للدولة في الضمان الاجتماعي، واضحة كل الوضوح، في التأكيد على هذه المسؤولية، وعلى ان الضمان هنا ضمان إعالة، أي ضمان مستوى الكفاية من المعيشة.
ففي الحديث عن الإمام جعفر: ((أن رسول الله (ص) كان يقول في خطبته: من ترك ضياعه فعلي ضياعه ومن ترك دينا فعلي دينه، ومن ترك ماله فأكله)) (1).
وفي حديث آخر أن الإمام موسى بن جعفر قال: - محددا ما للإمام وما عليه -: ((أنه وارث من لا وارث له، ويعول من لا حيلة له)) (2).
وفي خبر موسى بن بكر: ان الإمام موسى قال له: ((من طلب هذا الرزق من حله ليعود به على نفسه وعياله، كان كالمجاهد في سبيل الله، فإن غلب عليه، فليستدن على الله وعلى رسوله ما يقوت به عياله. فإن مات ولم يقضه كان