وسوف نتحدث بتفصيل عن منطقة الفراغ هذه أن وحدوها ودورها في البحث المقبل. والذي نعنيه هنا أن الصلاحيات الممنوحة لولي الأمر في ملء منطقة الفراغ، تجعل من حقه التدخل في حركة الإنتاج والاشراف عليها، وتحديدها ضمن منطقة الفراغ المتروكة للدولة.
وثانيا: إن التشريع الإسلام بشأن توزيع الثروات الطبيعية الخام يفسح المجال بطبيعته للدولة لكي تتدخل، وتهيمن على الحياة الاقتصادية كلها، لأن تشريع الإسلام بهذا الشأن يجعل من المباشرة في العمل، شرطا أساسيا في تملك الثروة الطبيعية الخام، واكتساب الحق الخاص فيها - على قول فقهي سبق في بعض الابنية العلوية - وهذا يعني بطبيعته عدم إمكان قيام الفرد، مهما كانت إمكاناته بالمشاريع الكبرى في استثمار الطبيعة وثرواتها العامة، ما دام لا يكتسب حقه فيها إلا بالمباشرة. فيتعين على إنتاج الثروات الطبيعية الخام والصناعات الإستخراجية، أن تتم بتنظيم من السلطة الشرعية، ليتاح عن طريقها إقامة مشاريع كبرى لاستثمار تلك الثروات، ووضعها في خدمة المجتمع الإسلامي.
وإذا تمت للدولة الهيمنة على الصناعات الإستخراجية وإنتاج المواد الأولية الخام، كان لها بالتالي السيطرة وبصورة غير مباشرة.. على مختلف فروع الإنتاج في الحياة الاقتصادية، لأنها تتوقف غالبا على الصناعات الإستخراجية، وإنتاج المواد الأولية، فيمكن لولي الأمر أن يتدخل في مختلف تلك الفروع بصورة غير مباشرة، عن طريق هيمنته على المرحلة الأولية والأساسية من الإنتاج، أي إنتاج المواد الطبيعية.