العامة التي ترتبط بها. فقد تختلف تنمية الثروة على أساسها فكري معين عن تنميتها على أساسها فكري آخر، تبعا لما يفرضه الأساس الفكري من إطار للتنمية وأساليب لتحقيقها.
وفي سبيل تحديد الأساس الفكري للتنمية لا يمكن أن نفصل المذهب الاقتصادي، بوصفه جزءا من مركب حضاري كامل، عن الحضارة التي ينتمي إليها ومفاهيمها عن الحياة والكون.
وعلى هذا الأساس سوف نأخذ الرأسمالية والاقتصاد الإسلامي، وندرس مفاهيمها عن الإنتاج ودوره وأهدافه، لا بوصفها مذهبين اقتصاديين فحسب، بل بوصفهما - إضافة إلى ذلك - واجهتين لحضارتين مختلفتين، لنقدم الأساس الفكري لتنمية الإنتاج من وجهة نظر الإسلام، مقارنا بالأساس الفكري لتنمية الثروة في الرأسمالية.
ففي الحضارة المادية الحديثة التي مثلت الرأسمالية تاريخيا واجهتها المذهبية الاقتصادية، تعتبر تنمية الثروة عادة هدفا أصيلا وغاية أساسية، لأن المادة هي كل شيء في المقاييس التي يسير عليها انسان هذه الحضارة في حياته فهو لا يرى غاية وراءها ولهذا يسعى إلى تنمية الثروة لأجل الثروة نفسها وتحقيقا لأكبر قدر ممكن من الرخاء المادي.
كما أن الرأسمالية تنظر في الأساليب التي تتبعها لتحقيق هذا الهدف إلى تنمية الثروة بوضعها الكلي، وبشكل منفصل عن التوزيع. فهي ترى أن الهدف يتحقق، إذا ازداد مجموع ثروة المجتمع، بقطع النظر عن مدى انتشار هذه الثروة في المجتمع، وعن نصيب أفراده من اليسر والرخاء الذي توفره تلك الثروة ولهذا شجع المذهب الرأسمالي على استخدام الآلة الصناعية في عهد الصناعة الآلية، لأنها تساهم في زيادة الثروة الكلية للمجتمع ولو عطلت الآلات ممن لم يكن يملك الآلة الجديدة، وأدت إلى انهيار مشاريعهم.
فالثروة في الحضارة المادية هدف أصيل، ونمو الثروة في المفهوم الرأسمالي يقاس