د - وعن أمير المؤمنين علي (ع): أن من أعون الاخلاق على الدين الزهد في الدنيا (1).
ومن اليسير لكل أحد أن يلاحظ التفاوت بين الفئتين، فالدنيا والثروة والغنى نعم العون على الآخرة في الفئة الأولى، بينما هي رأس كل خطيئة في الفئة الثانية.
ولكن هذا التناقض يمكن حله بعملية تركيب، فالثروة وتنميتها نعم العون على الآخرة وهي رأس كل خطيئة لأنها ذات حدين. وإطارها النفسي هو الذي يبرز هذا الحد أو ذاك. فالثروة في رأس الإسلام وتنميتها هدف من الأهداف المهمة ولكنه هدف طريق لا هدف غاية فليس الثروة وإنما هي وسيلة يؤدي بها الإنسان الإسلامي دور لخلافة، ويستخدمها في سبيل تنمية جميع الطاقات الإسلامية دور الخلافة، ويستخدمها في مجالاتها المعنوية والمادية فتنمية الثروة والإنتاج لتحقيق الهدف الأساسي من خلافة الانسان في الأرض هي نعم العون على الآخرة، ولا خير فيمن لا يسعى إليها، وليس من المسلمين بوصفهم حملة رسالة في الحياة من تركها وأهملها. واما تنمية الثروة والإنتاج لأجل الثروة بذاتها، وبوصفها المجال الأساسي الذي يمارس الانسان في حياته ويغرق فيه، فهي رأس كل خطيئة، وهي التي تبعد الانسان عن ربه، ويجب الزهد فيها.
فالإسلام يريد من الانسان الإسلامي أن ينمي الثروة ليسطر عليها، وينتفع بها في تنمية وجوده ككل، لا لتسيطر عليه الثروة، وتستلم منه زمام القيادة، وتمحو من أمامه الأهداف الكبرى (2).
فالثروة وأساليب تنميتها التي تحجب الانسان الإسلامي عن ربه، وتنسيه أشواقه الروحية، وتعطل رسالته الكبرى في إقامة العدل على هذا الكوكب، وتشده إلى الأرض لا يقرها الإسلام. والثروة وأساليب التنمية التي تؤكد صلة الانسان الإسلامي