والإسلام بمحاربته للاكتناز يفضي على مشكلة من أهم مشاكل الإنتاج التي تمنى بها الرأسمالية وهو على علم بأن المجتمع الإسلامي الذي ينظمه ليس مضطرا إلى الاكتناز والادخال في سبيل تنمية الإنتاج فيه، وإقامة المشاريع الكبيرة، كما هي الحال بالنسبة إلى المجتمع الرأسمالي، الذي تمكن عن طريق الاكتناز والادخار من تكوين رؤوس أموال ضخمة، نتيجة لتجميع المدخرات عن طريق المصارف وغيرها، واستطاع أن يستخدم تلك الكميات الهائلة المتجمعة من النقد في أضخم مشاريع الإنتاج. فان المجتمع الرأسمالي لما كانت الملكية الخاصة هي التي تسيطر عليه، فكان لا بد له من ملكيات خاصة ضخمة للاستعانة بها في مشاريع الإنتاج الكبرى، وحيث لم يكن من الميسور تكوين تلك الملكيات إلا بالتشجيع على الادخار وتجميع المدخرات بعد ذلك عن طريق المصارف الرأسمالية، فكان المجتمع الرأسمالي مضطرا إلى اتخاذ هذه الخطوات لأجل تنمية الإنتاج وتضخيمه. وأما المجتمع الإسلامي فيمكنه الاعتماد على حقول الملكية العامة وملكية الدولة في مشاريع الإنتاج الكبرى، ويبقى للملكيات الخاصة المجالات التي تتسع لها امكاناتها.
9 - تحريم اللهو والمجون، فقد جاء في الأحاديث النهي عما يلهو عن ذكر الله، والمنع عن عدة ألوان من اللهو التي تؤدي إلى تذويب الشخصية الجدية للانسان وميوعته (1)، وبالتالي إلى عزله عن مجال الإنتاج والعمل الحقيقي المثمر، وإيثاره حياة اللعب واللهو بقدر ما تؤاتيه الظروف على حياة المجد والعمل، وألوان الإنتاج المادي والمعنوي.
10 - محاولة المنع من تركز الثروة وفقا للنص القرآني الكريم {لئلا يكون دولة بين الأغنياء منكم} (2) كما سنشرح ذلك في دراستنا لنظرية التوازن الاجتماعي في الاقتصاد الإسلامي. وهذا المنع عن التركز وإن كان يرتبط بصورة مباشرة بالتوزيع، ولكنه يرتبط أيضا بشكل غير مباشر بالإنتاج، ويؤدي إلى الاضرار به. لأن الثروة حين تتركز في أيد قليلة، يعم البؤس وتشتد الحاجة لدى الكثرة الكاثرة.