وعلى هذا الأساس الذي يربط ملكية العامل بالقيمة التبادلية، تفسح الماركسية لعامل آخر - إذا مارس الثروة - أن يملك القيمة الجديدة التي تنتج عن عمله. فإذا ذهب فرد إلى الغابة واقتطع من أخشابها وأنفق على الخشب جهدا حتى جعله لوحا، ثم جاء آخر فجعل من اللوح سريرا، أصبح كل منهما مالكا بقدر القيمة التبادلية التي أنتجها عمله. ولهذا تعتبر الماركسية الأجير في النظام الرأسمالي هو المالك لكل القيمة التبادلية التي تكتسبها المادة عن طريق عمله، ويكون اقتطاع مالك المادة جزءا من هذه القيمة باسم الأرباح سرقة من الأجير.
فالقيمة مرتبطة بالعمل. والملكية إنما هي في حدود القيمة التي تنتج عن عمل المالك.
هذه هي المبررات الماركسية الخاصة، التي يمكن تلخيصها في القضيتين التاليتين:
1 - القيمة التبادلية مرتبطة بالعمل وناتجة عنه.
2 - وملكية العامل مرتبطة بالقيمة التبادلية التي يخلقها عمله.
ونحن نختلف عن الماركسية في كلتا القضيتين.
أما القضية الأولى التي تربط القيمة التبادلية بالعمل، وتجعل منه المقياس الأساسي الوحيد لها، فقد درسناها بكل تفصيل في بحوثنا مع الماركسية من هذا الكتاب (1)، واستطعنا أن نبرهن على أن القيمة التبادلية لا تنبع بصورة أساسية من العمل. وبذلك تنهار جميع اللبنات الفوقية التي شادتها الماركسية على أساس هذه القضية. وأما القضية الأخرى التي تربط ملكية الفقر بالقيمة التبادلية التي تتولد عن العمل، فهي تتعارض مع اتجاه النظرية العامة للإسلام في توزيع ما قبل الإنتاج، لأن الحقوق الخاصة للأفراد في المصادر الطبيعية وإن كانت تقوم في الإسلام على أساس امتلاك الفرد نتيجة عمله، ولكن نتيجة العمل التي يمتلكها العامل الذي أحيى قطعة