ويكتسب عن طريق تملكه لهذه الفرصة حقه في المصدر الذي أحياه. وأما الأرض العامرة بطبيعتها، أو الأرض الخضراء بطبيعتها التي يمارس فيها الفرد عملية الزرع أو الرعي، فقد كانت فرصة الانتفاع بها في الزرع والرعي، موجودة قبل ذلك، ولم تنتج عن العمل الخاص، وإنما الشيء الذي نتج عن عمل الزارع - مثلا - هو الزرع، ولا شكل أنه من حقه الخاص، لأنه نتيجة عمله.
وفي هذا الضوء نستطيع الآن أن نستنج شرطا جديدا في العمل الذي يتيح حقا خاصا في المصادر الطبيعية. فقد اكتشفنا آنفا الشرط الأول وهو أن يكون العمل ذا صفة اقتصادية، ونستنتج الآن الشرط الثاني وهو أن يخلق هذا العمل حالة أو فرصة معينة جديدة يملكها العام، ويكتسب عن طريقها حقه في المصدر الطبيعي (1).
وإلى هذه الحقيقة كان الإمام الشافعي يشير حينما استدل على أن المعدن الباطن المستتر لا يملك بالاحياء بأن المحيا ما يتكرر الانتفاع به بعد عمارته بالاحياء من غير إحداث عمارة وهذا لا يمكن في المعادن (2) بمعنى أن الفرصة التي يخلقها الاحياء في المعدن محدودة فيكون الحق محدودا تبعا لذلك.
وهذا الاكتشاف للترابط بين حق العامل في المصدر الطبيعي، والفرصة التي ينتجها العمل في ذلك المصدر، يترتب عليه منطقيا أن يزول حق الفرد في المصدر إذا تلاشت تلك الفرصة التي أنتجها، لأن حقه في المصدر الطبيعي كان يقوم كما عرفنا على أساس تملكه لتلك الفرصة، فإذا زالت سقط حقه (3). وهذا ما نجده تماما في الفقرة الرابعة والخامسة من البناء العلوي الذي قدمناه.
ولنأخذ الآن أعمال الإحياء هذه التي تمنح الفرد العامل حقا خاصا في المصدر الطبيعي، كإحياء الأرض واستخراج المنجم واستنباط العين، لكي ندرس بدقة موقف النظرية منها. ونرى ما إذا كان نفس هذه الأعمال تختلف في الحقوق التي