توفير الحريات للأفراد، وإن كان الناس أحرارا في التقيد بتلك القيم ورفضها.
ويذكر أنصار الرأسمالية في سياق الاستدلال على ذلك: أن الحرية الاقتصادية تفتح مجال التنافس الحر بين مختلف مشاريع الإنتاج. وصاحب المشروع - في ظل هذا التنافس الحر الذي يسود الحياة الاقتصادية - يخاف دائما من تفوق مشروع آخر على مشروعه واكتساحه له، فيعمل بدافع من مصلحته الخاصة على تحسين مشروعه والاستزادة من كفاءاته، حتى يستطيع ان يخوض معركة السباق مع المشاريع الأخرى، ويصمد في أتون هذا النضال الأبدي. ومن أهم الوسائل التي تتخذ في هذا السبيل، إدخال تحسينات فنية على المشروع. وهذا يعني: أن صاحب المشروع في المجتمع الرأسمالي الحر يظل دائما يتلقف كل فكرة أو تحسين جديد على الإنتاج، أو أي شيء آخر من شأنه أن يمكنه من الإنتاج بنفقة أقل. فإذا أدخل هذه التحسينات، فإنه لا يلبث أن يرى باقي المشروعات قد لحقت به، فيبدأ مرة ثانية في البحث عن فكرة أخرى جديدة، حتى يحتفظ بأسبقيته على سائر المشروعات. وجزاء من يتخلف في هذا السباق هو إفلاس مشروعه، فالمنافسة الحرة في النظام الرأسمالي سيف مسلط على رقاب المنظمين، يطيح بالضعيف والمهمل والمتكاسل، ويضمن البقاء للأصلح. وواضح أن هذه المنافسة تؤدي إلى مصلحة المجتمع، لأنها تدفع إلى الاستفادة الدائمة بنتاج العقل العلمي والفني، وإشباع الحاجات الإنسانية بأقل نفقة ممكنة.
فلا ضرورة - بعد هذا - إلى إرهاق صاحب المشروع بتربية خلقية معينة، وترويضه على القيم الروحية، أو ملء أذنيه بالمواعظ والنصائح، ليجعل إشباع الحاجات الإنسانية بأقل نفقة ممكنة، ويزيد من اتقان السلع وجودتها. فإن مصلحته الخاصة كفيلة بدفعه إلى تحقيق ذلك، ما دام يعيش في مجتمع حر يسوده التنافس.
كما لا حاجة له إلى مواعظ تحثه على المساهمة في أعمال البر والإحسان، والاهتمام بمصالح المجتمع، لأنه يندفع إلى ذلك بدافع من مصلحته الخاصة بوصفه جزءا من المجتمع.