بهذه الطريقة تفسر الماركسية شيوعية المجتمع البدائي، وتشرح أسباب المساواة السائدة فيه، التي تحدث عنها (مورجان) بصدد وصف القبائل البدائية. التي شاهدها تعيش في سهول أمريكا الشمالية، ورآها تقسم لحوم الحيوانات إلى أجزاء متساوية، توزع على أفراد القبيلة كلها.
تقول الماركسية هذا، في نفس الوقت الذي تناقض ذلك، عندما تحدث عن أخلاق المجتمع الشيوعي، وتمجد بفضائله فتنقل عن (جيمس آديررز) الذي درس هنود أمريكا في القرن الماضي: أن تلك الجماعات البدائية، كانت تعتبر عدم تقديم المعونة لمن يحتاجها، جريمة كبرى يحتقر مرتكبها، وتنقل عن الباحث (كاتلين): أن كل فرد في القرية الهندية، رجلا كان أو امرأة أو طفلا، كان له الحق في أن يدخل إلى أي مسكن من المساكن ويأكل إن كان جائعا بل إن أولئك الذين كانوا يعجزون عن العمل، أو يقعد بهم مجرد الكسل عن الصيد، كانوا يستطيعون رغم ذلك أن يدخلوا إلى أي منزل يشاؤون، ويقتسمون الطعام مع من فيه. وبذلك كان الفرد في تلك المجتمعات، يحصل على الطعام، مهما تهرب من التزاماته في إنتاج هذا الطعام، ودون أن يترتب على تهربه إلا إحساسه بفقدان ملحوظ لهيبته (1).
وهذه المعلومات التي تتحفنا بها الماركسية، عن أخلاق المجتمعات الشيوعية البدائية، وتقاليدها المتبعة اجتماعيا، وتوضح أن مستوى القوى المنتجة، لم يكن منخفضا إلى الدرجة، التي تعني أن زيادة نصيب أحد الأفراد من الإنتاج يؤدي إلى موت شخص آخر جوعا. بل كانت توجد وفرة، يحصل على شيء منها الضعيف والعاجز وغيرهما، فلماذا إذن لم كانت المساواة في التوزيع، هي الطريقة الوحيدة الممكنة؟ ! وكيف لم يخطر على ذهن أحد فكرة الاستغلال والتلاعب في التوزيع، ما دام في الإنتاج وفرة يمكن استغلاها؟ وإذا كان قوى الإنتاج، تسمح بقيام الاستغلال في تلك المجتمعات فيجب أن نجد سبب عدم ظهوره فيها، مائلا في درجة وعي الإنسان البدائي وفكره العملي. فقد جاءت فكرة الاستغلال عنده كظاهرة