من ذلك كمين، أو مكيدة، وتقرب الرايات وتقعقع الحجف (1) ويقدم في صدر العدو أصحاب الحديد من التجافيف (2) والدروع والسواعد (3) والجواشن. فإن انكسر العدو لم يحمل عليهم الجيش جملة واحدة بل يحملون أولا فأولا، فإن ثبت العدو فليثبت الناس، وإن انهزموا الهزيمة التي لا تحصل فيها شك، فليحمل الجيش عليهم جمله واحدة وهم على حال التعاني (4) غير متفرقين.
وينبغي إذا انصرفوا من الحرب أن ينصرفوا على حال التبعية (5) أيضا ولا يتفرقوا، فإن زحف العدو أولا إلى المسلمين، فينبغي لأميرهم أن يصف الناس على الخندق ويأمرهم بالترجيل وملازمة الأرض، ويحكموا صفوفهم إلى حد لا يكون فيها شئ من الخلل، ولا يعتمدوا على شئ من آلات الحرب إلا على السيوف، فإذا حمل العدو عليهم جثوا (6) على ركبهم ونظروا إلى مواضعهم ولا يهولن أحدا عدوهم، ويستتروا بالجحف، فإذا أتموا حملتهم وعادوا حمل الناس عليهم بالسيوف.
فإن ثبتوا فليثبتوا على حال التعاني فإن لم يثبتوا أو استوت (7) الهزيمة عليهم، فليركبوا الخيل ويجد في طلبهم واستئصالهم.
فإن عرض للمسلمين - والعياذ بالله - هزيمة، فيجب أن يصيح بعضهم ببعض ويذكروا ما به توعد الله تعالى ذكره من فر من الزحف وتعنف بعضهم بعضا وتبكيته (8)