القرآن الكريم وبعض حكم الأحكام وفلسفة التشريع وقبل الدخول في صميم الموضوع والموضوع الصميم، نذكر شيئا هو نقطة الدائرة في هذا العنوان، أو حجر الأساس لهذه البحوث، ذلك هو أن نقول: إن الانسان بمقتضى طبعه الذي وهبه له واهب الطبائع، وبدافع غريزته التي غرزها فيه مغرز الغرائز، متطلب للحرية في أي حال، وعلى جميع الأحوال ينشدها في كل زمان ومكان ولا يرضى لنفسه القيد بوجه من الوجوه، ولا تحديد تلك الغريزة ولا تقييد تلك الطبيعة، إذ يرى ذلك - طبيعيا - تحديدا للغريزة وتقييدا للطبيعة، فهو يأباه ولا يرضاه، اللهم إلا على بعض الوجوه، فإلزام الانسان بشريعة أو قانون بادئ ذي بدء وأول وهلة من النظر، يرى حدا لتلك الحرية المطبوعة فيه، فلا يرضخ، وقد يكون من المتفلتين عليها إن لم تدعم بدعائم الثبات والاستقرار.
هذا هو الانسان لأول نظرة منه يلقيها على القوانين والتشريعات، ثم ماذا؟
أيبقى انسان الحرية المطلقة سائرا في غلوائه كما يشاء أو تشاؤه الأهواء؟ لا. ولا