وأما قول الخوارج من أنه كافر بقول مطلق، فهو قول يرده ما مر عليك من صريح الآيات التي جمعت للمكلف صفة المعصية مع صفة الإيمان، وهكذا قول فريق آخر منهم بأنه مشرك، بل هو أسوأ من سابقه.
وأما قول المعتزلة، فلأنه قد يعتبر أنه خلاف إجماع المسلمين في المسألة، فإنك قد عرفت أن المسلمين بين قائل بكفر مرتكب الكبيرة، وبين قائل بإيمانه مع فسقه، فالقول بإثبات منزلة بين المنزلتين إحداث قول ثالث فهو خارق للاجماع، مضافا إلى عدم معقوليته في نفسه.
ثانيهما: أن الإيمان هل يقبل الزيادة والنقصان، أو لا؟
قال بعض محققي الأصحاب: إن الإيمان حيث كان، عندنا عبارة عن التصديق القلبي أو التصديق القلبي واللساني بكل ما جاء به الرسول (صلى الله عليه وآله)، كان عبارة عن أمر واحد لا يقبل الزيادة والنقصان بحسب كثرة الأعمال وقلتها.
وأقول: هذا الكلام كلام على طريق المتكلمين، أما لو حاولنا الكلام بلسان الحكماء فقد يزداد الأمر وضوحا على وضوح، وذلك أن يقال - على سبيل الاجمال -: إن الإيمان من الكيفيات النفسانية، والكيفيات النفسية كالكيفيات الخارجية في الأحكام سواء بسواء، فإن قبلت الكيفيات الخارجية الزيادة والنقصان قبلتها الكيفيات النفسية.
إذن فلنبحث عن معنى الزيادة والنقصان، والشدة والضعف، لنعرف هل أننا نتعقلهما في هذا الموضوع؟
يرى الحكماء أن الشدة والضعف حركة الموجود في ناحية الكيف كما أن الزيادة والنقصان في جانب الكم، والحركة عندهم سواءا كانت في جانب الكم أم