اليهود -، وعلى ذلك أيضا جماعة من مشركي الجاهلية في أنهم يتوقون الحائض توقيا شديدا لا هوادة فيه، يعتزلونها في المضاجعة فضلا عن المواقعة، ولا تؤاكل ولا تشارب، بل ويعزلونها عن المسكن عند الكثير، وهذا تزمت لا وجه له إلا التحكم المر المقيت، فلم تتزمت الشريعة الاسلامية هذا التزمت الشديد، ولم تكن لتتفلت تفلت النصارى - المسيحيين - فاسترسلوا مع الحائض استرسالا تكون معه الأضرار والمحاذير، فلم يعتزلوها حتى في المواقعة فضلا عن المساكنة والمضاجعة.
وهنا نرى أن الشريعة الإسلامية اتخذت الأمر الوسط والاعتدال، فلم توجب على الزوج إلا حرمة المواقعة للزوجة في محل الحيض ومكانه خاصة.
فمن هنا تعرف أن لفظ " المحيض " في أول الآية - وهو قوله: * (ويسألونك عن المحيض) * - هو مصدر بمعنى الحيض، وفي آخر الآية - وهو قوله: * (فاعتزلوا النساء في المحيض) * - هو اسم محل بمعنى مكان الحيض لا مصدر ولا اسم زمان.
ونحن - وقد وصلنا إلى هذه المرحلة - يكون لزاما علينا أن نعرض شيئا أو بعض شئ مما عرضه الأطباء النطاسيون من أضرار تلحق الزوجين عند الوقاع في المحيض، بل وتلحق الجنين المتكون منهما عند ذاك، مضافا إلى القذر الذي تشمئز منه النفوس والطباع.
الحيض: دم تراه المرأة وتعتاده بعد سن البلوغ وقبل سن اليأس في كل شهر غالبا، من ثلاثة أيام إلى عشرة، وقد قيل: إن المرأة في البلاد الحارة تحيض في السنة الثانية عشرة غالبا، وفي البلاد الباردة في الرابعة عشرة إلى السادسة عشرة، وإذا لم تحض المرأة في هذه السن فهي مريضة يجب علاجها بما ذكرته الطبابة والأطباء، وتيأس المرأة من الحيض إذا بلغت من السنين خمسين إن لم تكن قرشية أو نبطية، وإن كانت من إحدى القبيلتين فإلى الستين، والمراد بالقرشية من تنتمي من طرف