معبودا مع الله، ومع هذا كيف يصح التعبير بغير الفعل الماضي، لو تأمل المنصفون؟
ومن ذلك قوله تعالى في سورة آل عمران، وهي قوله تعالى: * (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) * (1).
ووجه الاشكال في الآية الشريفة من وجهتين:
إحداهما: أنه قال تعالى: * (خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) * فنراه تعالى عطف قوله: * (ثم قال له كن) * على * (خلقه) * بثم المفيدة للترتيب والتراخي، فيدل على أن كونه بعد خلقه بمهلة وترتيب قضاء لحق العطف بهذه الأداة، فيقتضي حينذاك أن يكون خلق آدم متقدما على قول الله: * (كن فيكون) * وذلك باطل، لأن خلق آدم هو نتيجة هذه الإرادة المعبر عنها ب " كن " فهو متأخر عنها تأخر المسببات عن الأسباب.
ثانيتهما: أن مقتضى التعبير - حسب ما يتطلبه السياق - هو أن يقول: كن فكان، لأنه حكاية عن حالة ماضية فكيف قال: كن فيكون؟
أجيب عن الأول بوجوه:
أحدها: أن الحق هو التقدير والتسوية، ويرجع معناه إلى علم الله تعالى بكيفية وقوعه وإرادته لإيقاعه على الوجه المخصوص، وكل ذلك متقدم على وجود آدم (عليه السلام) تقديما من الأزل إلى الأبد. وأما قوله تعالى: * (كن) * فهو عبارة عن إدخال في الوجود، فيثبت أن خلق آدم متقدم على قوله: * (كن) *.
ثانيها: أنه تعالى خلقه من الطين ثم قال له: كن، يعني أحياه، كما قال تعالى: