استجاب لها فيما تريد كان والوحش الهائم وضواري البهائم سواء بسواء، والعقل يريد من الانسان أن يكون إنسانا بمعناه لا يتفلت عن حق واجب، ولا واجب مفروض، فالعقل والعواطف في صراع دائم واشتباك وعراك وجدال وجلاد قد يطغى سلطان العواطف الجبار العنيد على حاكم العقل الحكيم فيجرئ الانسان على ما لا يرضاه العقل من جرائم وموبقات تجره إلى ما فيه الهلاك والإهلاك، وقد ينتصر العقل ظافرا فيعلو بالإنسان محلقا إلى ما فيه الفلاح والنجاح، ثم ماذا وإلى متى، وحتى م هذا الصراع والنزاع والانسان الضعيف ريشة تتقاذفها الأمواج الطاغية إلى حال ليس له انقضاء ولا انتهاء؟
إذن فلا بد للعاطفة من صاد يقف بها عن الغلو والغلاء، ولا بد للعقل من سناد يسير معه جنبا لجنب في مختلف الجهات والاتجاهات وما هو إلا تنظيم شريعة أو تشريع نظام.
إذن فتشريع النظام وتنظيم الشريعة ضروري في حياة الانسان، ولحياة الانسان الذي يريد أن يحيا حياة إنسانية بمعناها الحسن الجميل. ثم - يا ترى - أترى الانسان - والحال فيه هو ذلك الحال - يرضخ لتلك الشريعة الموقفة له عند حدود، ويخضع لذلك النظام المحدد لتلك الحرية المطلقة فيه المؤيدة بالعواطف والأهواء؟ لا. اللهم إلا أن يفهم فيفهم حاجته الماسة إلى ذلك النظام، وأن مشروع ذلك النظام ممن له أهلية ذلك التشريع، فهو مشرع بحق ومنظم باستحقاق، ثم هي الأخرى أن يفهم فيفهم أن ذلك النظام وذلك التشريع نظام بعدل واعتدال يرمي إلى العدل والاعتدال لا سرف فيه ولا تطفيف. إذن فاتساق التشريع أو النظام واستوساقه بحاجة إلى أن يركز على دعائم ثلاث:
أحدها: قناعة المكلف قناعة نفسية بحاجة إلى تنظيم شرع وتشريع نظام وإلا