المرحلة الثالثة: في المجتهد فيه - يعني فيما يصح فيه الاجتهاد وما لا يصح فيه - المجتهد فيه عرف بأنه " كل حكم شرعي ليس عليه دليل قطعي ".
هذا التعريف كسائر التعريفات مشتمل على جنس مدخل، وعلى فصل مخرج، فقولنا: " حكم " مدخل لكل حكم عقليا كان أو شرعيا. فقولنا: شرعي مخرج للأحكام العقلية، حيث إن العقلية المحضة مثل قولنا: الكل أعظم من الجزء، أو أن النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان. وهكذا الأحكام العقلية المقررة من قبل الشرع، مثل قبح الظلم وحسن الاحسان، لا تقع محلا لاجتهاد المجتهدين، إذ هي غير قابلة للخلاف والاختلاف، بل هي مما اتفقت عليها العقول، وقولنا: ليس عليه دليل قطعي، خرج ما كان عليه من الأحكام الشرعية قد دل عليه دليل قطعي، وذلك قسمان:
الأول: الأحكام الشرعية الأصلية، وذلك كالمعتقدات الدينية التي أوجب الشارع الاعتقاد بها على الانسان عن طريق العلم القطعي الذي لا تدخله الظنون، فمثل هذه لا تقع محلا للاجتهاد حيث هي مدلولة بالأدلة القطعية.
والقسم الثاني: الأحكام الشرعية الفرعية التي قامت عليها الضرورة الدينية من المسلمين عامة مثل الصوم، أو وجوب الصلاة، أو حرمة الخمر والزنا، أو غير ذلك من التكاليف القطعية من أفعال وتروك، فمثل هذه أيضا لا تقع محلا للاجتهاد، لأن أدلتها قطعية فلا تكون معرضا لاختلاف الأنظار والآراء، فالذي يقع محلا للاجتهاد ويجوز للمجتهدين الاجتهاد فيه هو الأحكام الشرعية والفرعية التي لم يقم عليها دليل قطعي، وذلك في الأحكام الشرعية الفرعية كثير.
قال شيخنا أبو جعفر الطوسي شيخ الطائفة رضوان الله عليه في كتابه في علم