أما الصغرى فقد ردت بأن لا نسلم أقربية فتوى الأفضل من فتوى المفضول إلى الواقع، فقد تكون فتوى غير الأفضل أقرب من فتوى الأفضل لموافقته لفتوى من هو أفضل منه ممن مات، ولا يصغى إلى أن فتوى الأفضل هي في نفسها أقرب، فإنها لو سلمت فلا تكون صغرى لهذه الكبرى المدعاة لبداهة أن العقل لا يرى تفاوتا بين أن تكون الأقربية في الأمارة لنفسها أو لأجل موافقتها لأمارة ثانية.
وأما الكبرى: فقد ردت بأن ملاك حجية قول الغير تعبدا - ولو على نحو الطريقية - لم يعلم أنه القرب من الواقع، فقد يكون ما هو في الأفضل وغيره سيان، ولم يكن لزيادة القرب في أحدهما دخل من رأس فلا يتم الادعاء.
الرابع: هو كون الرجوع إلى الأفضل هو القدر المتيقن، وذلك لدوران الأمر بين التعيين والتأخير بداهة أنه الحجة على المكلف إما أن تكون هي فتوى الأعلم فقط، فالحكم - إذن - هو التعيين، وإما أن تكون الحجة كلا القولين، فالحكم التخيير، وعلى كل تقدير تكون فتوى الأعلم حجة على كل حال فالأخذ بها متعين بلا كلام، ورد هذا الاستدلال بأن هذا الدوران المذكور فرع كون الأعلمية مرجحة إما عقلا وإما نقلا، وهو أول الكلام لعدم الدليل عليه، فيكون أشبه شئ بالمصادرة على المطلوب.
هذا ما أردنا البحث عنه في هذا الموضوع على الاجمال، فلننتقل إلى موضوع آخر وهو اشتراط الحياة في المفتين:
هذه المسألة على حد المسألة السابقة، وفيها ما فيها من الخلاف والاختلاف، لكن يضاف إلى الخلاف هنا: أن اشتراط الحياة في المفتين خصصه بعضهم بالتقليد الابتدائي وجوز البقاء، وبعضهم عممه في الابتداء والاستدامة، وعلى كل فالبحث في المسألة يجب أن يكون على وجهها العام، إما الجواز العام أو المنع العام.