أجيب عن الأول: بأن الجبال جزء من الأرض التي خلقت في يومين، وهي مخلوقة بخلق الأرض وإنما ذكرت بالتنصيص للامتنان بجعلها على الأرض لما فيها من الفوائد ودفع المضار، وقال تعالى: * (جعل) * ولم يقل: " خلق " دفعا لتوهم أن خلق الجبال كان منفصلا عن خلق الأرض في يومين، فيكون قوله تعالى في الآية الثانية:
* (وجعل فيها رواسي من فوقها) * بمنزلة قوله: خلقها مع جبالها الراسية النافعة * (وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام) * فيكون اليومان داخلين في الأربعة، وتكون الفائدة هي التفصيل والبيان والتعزيز بالقدرة والامتنان بقوله تعالى:
* (خلق الأرض في يومين... وجعل فيها رواسي وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام) *.
وأجيب عن الثاني: بأن منشأ هذا التوهم الذي أوجب هذا الاعتراض أمران:
أحدهما: توهم أن قوله تعالى: * (ثم استوى إلى السماء) * معطوف على قوله تعالى: * (وبارك فيها وقدر فيها أقواتها) * وليس الأمر كما يتوهمون، بل أنه معطوف على قوله تعالى: * (خلق الأرض في يومين) *.
وثانيهما: توهم أن قوله تعالى: * (والأرض بعد ذلك دحاها) * بمعنى أنشأها وخلقها، وليس الأمر كما توهم، بل إن معنى قوله تعالى: * (دحاها) * مهدها وأعدها للسكن * (وبارك فيها وقدر فيها أقواتها) * و * (أخرج منها ماءها ومرعاها) * متاعا للناس ولأنعامهم.
قال المجيب - وهو شيخنا الحجة المجاهد الشيخ البلاغي طاب ثراه، في كتاب " الهدى إلى دين المصطفى ":
ولو اعتمدنا على الهيئة الجديدة لفهمنا من قوله تعالى: * (دحاها) * أنه سخرها