آخره، فهي معتبرة بهذا الاعتبار عند الشيعة، إذ هو حينذاك رجوع إلى النص الشرعي العام بتطبيقه على ما له من الأفراد والمصاديق.
فمن هنا وهناك تعرف أن الجماعة قد ضاقوا ذرعا بتحديد مفهومه على وجه يتفق عليه الجميع.
ومهما يكن من أمر فإن المثال الذي ذكره إيضاحا لهذه القاعدة العامة، وتطبيقا لهذا الكلي على الجزئيات هو ما نقلوه عن الغزالي أنه مثله بكفار تترسوا بجماعة من أسارى المسلمين، فلو كففنا عنهم لصدمونا وغلبونا على دار الاسلام وقتلوا كافة المسلمين، ولو رمينا بالترس لقتلنا مسلما معصوما لم يذنب ذنبا، وهذا لا عهد به في الشرع، ولو كففنا لسلطنا الكفار على جميع المسلمين فيقتلونهم ثم يقتلون الأسارى أيضا، فيجوز أن نرمي هذا الترس حفظا لسائر المسلمين، وتحصيل هذا المقصود بهذا الطريق لم يشهد له أصل معين.
هذا هو المثال، ولو أعطيناه نظرة الحق وحق النظر لم نجده إلا من العناوين التي فهمتها وأفهمتها الشيعة، وأرجعتها إلى نصوصها العامة من قبل حين فلم تحوجها الحالة إلى استصلاح ولا إلى مصالح مرسلة، وذلك داخل في باب التزاحم في الملاكات الذي معناه تنافي الحكمين لا في مقام العقل، بل في مقام الامتثال لفقد القدرة من المكلف على جمعهما في امتثال واحد في آن واحد، وله نظائر وأشباه تفوت العد والإحصاء، ومن أمثلته أن يقع التزاحم بين إنقاذ غريق يستلزم إنقاذه، والتصرف في أرض الغير، وهذا المثال الممثل به في لسان الغزالي جزء من ذلك الكل، وقليل من ذلك الكثير.
وهذا مورد لا مانع من التماس حكم العقل فيه، أولا: فإن للعقل حكما في القضايا الكلية وقضاء الأقضية العامة يقرره الشرع عليها في مواطن كثيرة، فهذا يضير