ولقوله (عليه السلام): " لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي " (1).
والجواب: أن المشقة إنما يثبت اعتبارها مع التسويغ شرعا، والعفو عن أصحابه، أو أن الإذن شرط في الإباحة، فصح استناد العفو منه، وعدم سياق الهدي لا يدل على أن سياقه بالاجتهاد. (2) انتهى شريف كلامه، زيد في منيف مقامه.
وقال شيخنا شيخ الطائفة الشيخ أبو جعفر الطوسي رفع الله درجته في كتابه المسمى ب " العدة في علم الأصول " عند بحث الاجتهاد:
فصل: في أن النبي (صلى الله عليه وآله) هل كان مجتهدا في شئ من الأحكام، وهل كان يسوغ ذلك له عقلا أم لا؟ وأن من غاب عن الرسول (صلى الله عليه وآله) في حال حياته هل كان يسوغ له الاجتهاد أو لا؟ وكيف حال من بحضرته في جواز ذلك؟
اعلم أن هذه المسألة تسقط على أصولنا لأنا قد بينا أن القياس والاجتهاد لا يجوز استعمالهما في الشرع، وإذا ثبت ذلك فلا يجوز للنبي (صلى الله عليه وآله) ذلك ولا لأحد من رعيته حاضرا كان أو غائبا لا حال حياته ولا بعد وفاته استعمال ذلك على كل حال، وأما على مذهب المخالفين لنا في ذلك فقد اختلفوا، فذهب أبو علي وأبو هاشم إلى أنه لم يتعبد بذلك في الشرعيات ولا وقع منه الاجتهاد فيها، وأوجبا كونه متعبدا بالاجتهاد في الحروب.
وحكي عن أبي يوسف القول بأن النبي (صلى الله عليه وآله) قد اجتهد في الأحكام، وذكر الشافعي في كتاب الرسالة ما يدل على أنه يجوز أن يكون في أحكامه ما قاله من جهة الاجتهاد. وادعى أبو علي الاجماع على أنه لم يجتهد النبي (صلى الله عليه وآله) في شئ من الأحكام