استدل القائلون بالجواز بوجوه:
أحدها: إطلاق الأدلة اللفظية من النصوص الشرعية الدالة على جواز التقليد، وقد مر عليك بعض تلك النصوص فإن مقتضى إطلاقها وأنها لم تقيد التقليد بشخص دون شخص، هو شمولها لتقليد المفضولين من الفقهاء. أجاب المانعون عن ذلك بأنه لا إطلاق في تلك الأدلة ليتمسك به في المقام، فإنها لم تسق مساق البيان لشروط التقليد وشؤونه لتنهض حجة على دعوى المدعين أن أقصى ما تنهض به هو بيان أصل مشروعية التقليد، وقصارى المستفاد منها هو الارشاد إلى جواز الأخذ بقول العالم على الاجمال لا في كل حال.
إذن فلا إطلاق، وحيث لا إطلاق، فلا دليل.
الثاني: سيرة الأئمة (عليهم السلام) في إرجاعهم الناس إلى الرواة المنصوبين من قبلهم في الأقطار والأمصار بلا تخصيص في شخص خاص مع اختلاف مراتبهم العلمية واختلاف درجاتهم في المعرفة والفضيلة.
أجيب عن ذلك بمنع هذه السيرة، ونقول: إنه يؤيد هذا المنع تصريحات نصوص ستأتيك، هي نص على خلاف هذه السيرة المدعاة.
الثالث: هو لزوم العسر والحرج على المكلفين لو ألزموا بتقليد الأعلم، لأن تعيينه من العسر بمكان وفي تشخيصه حرج على المتطلبين، فهو منفي بنفي العسر والحرج في الشريعة، المنصوص عليه في الكتاب والسنة بلا كلام.
أجيب عن ذلك: انه لا عسر في ذلك ولا حرج، ولو كان في تعيين الأعلم عسر، وفي التشخيص الأفضل حرج، لكان في تعيين أصل الاجتهاد عسر وحرج ولا قائل بذاك، فما تعيين الأفضل بأكثر مؤنة من تعيين أصل الاجتهاد. أضف إلى ذلك