أثر له في المقام لانحلاله لدورانه بين ما هو محل الابتلاء وما هو غير محل الابتلاء، ذلك أن القرآن الكريم ليس مقصورا على بيان الأحكام الشرعية فحسب، بل فيه القصص والحكايات والحكم والأمثال، إلى أمثال ذلك، فلا أثر لهذا العلم الاجمالي ببركة هذا الانحلال.
المرحلة الثالثة: في وقوع التحريف فيه - أعني القرآن - من حيث النظم والتأليف والجمع والتدوين، وذلك كتقديم الناسخ على المنسوخ، والمتشابه على المحكم، والمتأخر نزولا على المتقدم فيه، وقد قال بهذا قائلون ونحن لا نقول به، وإن كان القول لا يستلزم ما يلزم الأقوال السابقة من المحاذير.
بقي شئ، وهو أن هذا المعنى الذي ذكرناه، من أن القرآن الكريم لم يوصم بوصمة وقوع التحريف فيه، هي ميزة القرآن الكريم، امتاز بها على سائر الكتب المقدسة، مثل التوراة والإنجيل، فإن تلك الكتب قد وقعت معرضا للتحريف فتلاعبت بها أيدي المحرفين، ولنا على ذلك دليلان: دليل إجمالي، ودليل تفصيلي.
أما الدليل الاجمالي على وقوع التحريف في التوراة، فهو أن التوراة - باعتراف الإسرائيليين - عرضتها عوارض تقضي عليها في أن تكون معرضا للتحريف، وأما الإنجيل، فقد اعترف الكثير من علماء المسيحيين أنها لم تكتب على عهد المسيح عيسى (عليه السلام)، وإنما كتبت من بعده، وقد تناقضت الأناجيل فيما بينها في كثير من التعاليم والسير.
وأما الدليل التفصيلي: فهو أن الكتب المقدسة عند الديانتين: الديانة الإسرائيلية - اليهودية -، والديانة المسيحية - النصرانية - تنحصر في كتابين هما:
العهدان: العهد القديم - وهو التوراة - والتوراة كتاب مقدس في نظر كلتا الديانتين اليهودية والمسيحية، وتشتمل على تسعة وثلاثين سفرا. والعهد الجديد، وهو