فلا تكون المعرفة هي الإيمان.
الثالث: - وهو مذهب أبي علي الجبائي وابنه أبي هاشم -: إن الإيمان هو فعل الواجبات وترك المحرمات، متمسكين في ذلك بظواهر آيات وروايات ظنوها دالة على ما يذهبون، وسيأتي ذكرها وذكر ما في الاستدلال بها على المقصود من الردود.
الرابع: - وهو قول قدماء المعتزلة -: إن الإيمان عمل الجوارح من أنواع الطاعات، مستدلين على ذلك بأن فاعل الحرام وتارك الواجب مخزي ولا شئ من المؤمن بمخزي.
وهذا - كما تراه - استدلال من القائلين بهذا القول عن طريق القياس على هيئة الشكل الثاني، فالنتيجة منه - بعد حذف المتكرر - تكون هكذا: لا شئ من فاعل المحرم وتارك الواجب بمؤمن، وهذا هو المطلوب، وقد مر عليك مرارا: أن كل قياس من الأقيسة - مهما كان شكله وشاكلته - لا ينتج النتيجة المطلوبة إلا حيث تتم مقدمتاه، الأولى - وهي صغراه -، والثانية - وهي كبراه -.
إذن كان لزاما على هؤلاء القائلين، الاستدلال على تمامية كل من المقدمتين، لتتم النتيجة، وقد استدلوا على الصغرى فقالوا: إن أحد الأقسام قاطع الطريق وهو ممن يدخل النار لقوله تعالى: * (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) * (1).
وكل من يدخل النار فهو مخزي، لقوله تعالى: * (ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته) * (2) هذا دليلهم على صغرى القياس. وقد استدلوا على كبراه، بقوله تعالى: