غير مستلزم للحكم الظاهري في حقه، ذلك أن الرجوع إليه إنما هو لفهم الواقع والوصول إليه، ولم يكن شأنه شأن سائر الطرق الشرعية التعبدية، حيث إن المجعول فيها هو الحكم الظاهري، فعليه يكون المتحقق من الرجوع هو ما إذا أفاده العلم أو ما يقوم مقامه من الاطمئنان، ولم يكن حجته قول المجتهد إلا بلحاظ اخباره عن الواقع لا بلحاظ الإفتاء.
هذا، وفي المقام نظر تركناه رعاية للاختصار، فلننتقل إلى موضوع آخر ذلك هو الكلام في اشتراط الأعلمية في مرجع التقليد.
إن مسألة اشتراط الأعلمية في مرجع التقليد أمر لم يزل ولا يزال موضع الخلاف والاختلاف، وموقع تضارب الآراء والأفكار بين علمائنا المحققين، القدامى منهم والمحدثين.
ذهب ذاهبون إلى جواز تقليد المفضول ولم تشترط الأفضلية في مرجع التقليد، وذهب آخرون إلى اشتراط الأعلمية والأفضلية فيه، وهؤلاء هم على خلاف في هذا الاشتراط، ففريق اشترطه بوجه عام وبقول مطلق لم يخصصه ولم يقيده بحال، وفريق خصص اشتراط الأعلمية في حال الاختلاف بين فتاوى المجتهدين.
إذن فالمحصل من الأقوال ثلاثة:
الأول: جواز تقليد المفضول.
الثاني: وجوب تقليد الأفضل على وجه الإطلاق والعموم.
الثالث: جواز تقليد المفضول إن وافقت فتواه الأفضل من معاصريه. هذه هي الأقوال - كما رأيت - فانظر الآن ما سنمليه عليك من أدلة كل على ما يدعيه، ولكل وجهة هو موليها، ولكل رأي هو رائيه.