سهم الاعتراض ونبال الأغراض، وظنوا - وظنهم إثم - أن القرآن - وحاشاه - معرض للتناقضات، وسترى ظنهم الفاسد إذا تجلت لك حقيقة الحال.
فمن ذلك قوله تعالى في سورة حم فصلت، وهي قوله تعالى: * (قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم) * (1) اعترض المعترضون - جهلا بالحقيقة - على هذه الآية الكريمة باعتراضين:
أحدهما: أن المفهوم من الآية الكريمة هو أن خلق السماوات والأرض كان في ثمانية أيام وذلك لمكان يومين لخلق الأرض، وأربعة أيام بجعل الرواسي وتقدير الأقوات، ويومين لخلق السماوات فتكون ثمانية، وهذا منقوض بكثير من الآيات الدالة على أن خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، كما ورد في سورة الأعراف ويونس وهود والفرقان والسجدة والحديد.
وثانيهما: أن هذه الآية الكريمة تدل على أن خلق السماوات كان بعد خلق الأرض، وهو منقوض بما جاء في سورة النازعات من قوله تعالى: * (أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها متاعا لكم ولأنعامكم) * (2).